للاستماع للمحاضرة :
اضغط
هنا
لتحميل نسخة للطباعة :
اضغط
هنا
[الْخُطْبَةُ الأُولَى]
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ،
وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ،
وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ
أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ
أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ
فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ
فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ﴾[آل
عِمْرَان:١٠٢].
﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاء:١].
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ
اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ
وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ
مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ
بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي
النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَالْيَوْمَ -بِحَوْلِ اللهِ
وَقُوَّتِهِ، وَفَضْلِهِ وَمِنَّتِهِ،
وَعَطَائِهِ وَنِعْمَتِهِ- عَنِ
الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ
أَتَكَلَّمُ.
الْيَوْمَ أَتَكَلَّمُ
عَنِ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ،
وَقَدْ أَخَذُوا فُرْصَتَهُمْ
كَامِلَةً، حَتَّى صَارُوا عَلَى
أَعْتَابِ تَحْقِيقِ مَا لَمْ
يَحْلُمْ بِهِ يَوْمًا أَشَدُّهُمْ
تَعَصُّبًا، وَأَكْثَرُهُمْ غُلُوًّا.
الْيَوْمَ أَتَكَلَّمُ،
وَقَدْ صَارُوا -بِزَعْمِهِمْ-
قَادِرِينَ عَلَى الِانْتِقَامِ،
وَإِنْزَالِ الْمَوْتِ الزُّؤَامِ،
وَاسْتِيفَاءِ مَا يَظُنُّونَهُ
حُقُوقًا أَجَّلَ اسْتِيفَاءَهَا
احْتِدَامُ الصِّدَامِ مَعَ
النِّظَامِ.
الْيَوْمَ أَتَكَلَّمُ،
وَكَمْ سَكَتُّ عَنْهُمْ فِي
أَحْوَالٍ مِنْ ضَعْفِهِمْ،
وَحَيْصَتِهِمْ، وَارْتِبَاكِهِمْ؛
لِأَنَّ أَخْلَاقَ الْإِسْلَامِ
تَأْبَى الْإِجْهَازَ عَلَى
الْجَرْحَى، وَاتِّبَاعَ
الْفَارِّينَ، وَالتَّعَرُّضَ
لِلنِّسَاءِ!!
وَمَا
زِلْتُ أَطْمَعُ أَنْ يُعِينَنِي ذُو
الْجَلَالِ عَلَى مُدَاوَمَةِ
التَّمَسُّكِ بِأَهْدَابِ أَذْيَالِ
أَخْلَاقِ عَصْرِ الْفُرُوسِيَّةِ فِي
الْوَقْتِ الَّذِي يُعَانِي فِيهِ
أَكْثَرُ الْخَلْقِ مَا يُعَانُونَ
لِكَيْ يُحَقِّقُوا التَّخَلُّقَ
بِأَخْلَاقِ عَصْرِ الْحُمُورِيَّةِ!!
وَكَمْ هُوَ عَسِيرٌ عَلَى الْعَبْدِ
أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا هُوَ
شَخْصِيٌّ وَمَا هُوَ شَرْعِيٌّ،
بَيْنَ مَا هُوَ ذَاتِيٌّ وَمَا هُوَ
مَوْضُوعِيٌّ!!
وَلَا
شَكَّ أَنَّ مَنِ اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، فَتَرَكَ مَا
اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، فَهُوَ
عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ.
الْيَوْمَ أَتَكَلَّمُ،
وَقَدْ أَصْبَحَ الْإِخْوَانُ
الْمُسْلِمُونَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ
أَدْنَى مِنْ حُكْمِ مِصْرَ؛
لِأُجِيبَ -بِحَوْلِ اللهِ
وَقُوَّتِهِ- عَنْ سُؤَالٍ مِنْ حَقِّ
الْمَحْكُومِينَ عَلَى الْحَاكِمِينَ
أَنْ يَعْرِفُوا إِجَابَتَهُ؛
لِتَسْتَقِيمَ أُمُورُ الْحَاكِمِينَ
وَالْمَحْكُومِينَ جَمِيعًا، وَهِيَ
لَا تَسْتَقِيمُ إِلَّا بِالصِّدْقِ
وَالْوُضُوحِ؛ إِذِ النَّاسُ
أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا، وَالْجَهْلُ
قَتَّالٌ لِأَقْوَامٍ!
وَالْإِخْوَانُ يَعْلَمُونَ أَنَّ
الدِّيمُقْرَاطِيَّةَ الَّتِي آمَنُوا
بِهَا، وَرَوَّجُوا لَهَا، وَبَلَغُوا
بِهَا مَبَالِغَهُمْ، هِيَ
بِعَيْنِهَا الَّتِي تُشْرَعُ سِهَامُهَا
إِلَى نُحُورِهِمْ، وَتُصَوَّبُ
خَنَاجِرُهَا إِلَى صُدُورِهِمْ.
نَحْنُ فِي زَمَانٍ
شُوِّهَتْ فِيهِ مَعَالِمُ
الشَّرِيعَةِ، وَحُرِّكَتْ عَنْ
مَوَاضِعِهَا ثَوَابِتُهَا؛ بِحُجَّةِ
تَقْلِيلِ الْمَفَاسِدِ، وَتَكْثِيرِ
الْمَصَالِحِ، وَمَصْلَحَةِ
الدَّعْوَةِ.
نَحْنُ فِي زَمَانٍ
غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ
الْمُتَصَدِّرِينَ الْمُتَكَلِّمِينَ
فِي الدِّينِ السَّفَاهَةُ
وَالْجُنُونُ؛ حَتَّى صَارُوا كَمَنْ
سُئِلَ: كَمْ لِلْأَرْنَبِ مِنْ
رِجْلٍ؟!! فَأَجَابَ: لِلْعُصْفُورِ
جَنَاحَانِ!!
كَذَلِكَ السَّفِيهِ الَّذِي لَا
تَكَادُ تَشُكُّ فِي جُنُونِهِ، إِذَا
رَأَيْتَهُ مُتَكَلِّمًا، بَلْ
هُاذِيًا، وَقَدْ جَحَظَتْ عَيْنَاهُ،
وَانْقَلَبَتْ حَمَالِيقُهُ، وَسَبَقَ
لِسَانُهُ عَقْلَهُ -إِنْ كَانَ
لَهُ-، فَتَوَرَّطَ فِي سَبِّ خَالِ
الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا رُوجِعَ،
اتَّهَمَ مَنْ سَمَّاهُمْ
بِالْمَدَاخِلَةِ، وَأَوْهَمَ أَنَّهُ
مُسْتَهْدَفٌ بِمُؤَامَرَةٍ
كَوْنِيَّةٍ حَاكَتْ أَطْرَافَهَا
شَيَاطِينُ اسْتِخْبَارَاتِيَّةٌ مِنْ
كُلِّ جِنِّيٍّ مَارِدٍ وَجِنِّيَّةٍ.
وَبَدَلَ أَنْ يَتُوبَ
وَيَسْتَغْفِرَ، وَيُقِرَّ
وَيُذْعِنَ، وَيَتَطَامَنَ
وَيَخْشَعَ، وَيَفِيءَ إِلَى
الصَّوَابِ، وَيَعُودَ إِلَى
الرَّشَادِ، رَاحَ يُوَزِّعُ
اتِّهَامَاتِهِ عَلَى خَلْقِ اللهِ،
وَلَيْسَ لِمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ فِي الْقَنَاةِ الَّتِي
يُسَبُّ فِيهَا بَوَاكِي!!
وَشَيْخُهَا يَعْتَذِرُ عَلَى
الْهَوَاءِ لِصَاحِبِهِ، وَلَا
يَعْتَذِرُ لِصَاحِبِ الرَّسُولِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ
الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
بِمُعْتَذِرٍ.
وَآخَرُ يَأْمُرُ الْأَبْنَاءَ
بِسَرِقَةِ الْآبَاءِ، مَعَ مَا
يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ عُقُوقِهِمْ
وَالْكَذِبِ عَلَيْهِمْ وَغِشِّهِمْ،
وَتَعْوِيدِ الْأَبْنَاءِ عَلَى مَدِّ
أَيْدِيهِمْ إِلَى حَيْثُ يَجِبُ أَنْ
تُقْصَرَ، وَعَلَى اسْتِطَالَتِهَا
حَيْثُ يَنْبَغِي أَنْ تُكَفَّ،
وَالرَّجُلُ -مَعَ ذَلِكَ- صَاحِبُ
ادِّعَاءَاتٍ عَرِيضَةٍ،
وَتَهْوِيلَاتٍ سَخِيفَةٍ، وَلَكِنْ
سَامِعُوهُ مِمَّنْ صَدَّقُوهُ
كَأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ!! بَلْ
كَأَنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ!!
وَثَالِثٌ يَكْذِبُ عَلَى اللهِ
وَرَسُولِهِ، وَيَدَّعِي مِنْ أُمُورِ
الْغَيْبِ مَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا
مِنْ قِبَلِ الْوَحْيِ الْمَعْصُومِ،
وَهُوَ: أَنَّ مَنْ لَمْ يُؤَيِّدْ
مُرَشَّحَهُ الْمُفَضَّلَ،
سَيَلْدَغُهُ الثُّعْبَانُ فِي
الْقَبْرِ بِضْعَ سِنِينَ!!
وَلَيْسَ هَذَا سِوَى نَمُوذَجٍ مِنْ
تَهَوُّرِهِ وَسَخَافَاتِهِ الَّتِي
لَا يَنْفَكُّ يُبَعْثِرُهَا عَلَى
أَسْمَاعِ الْمُغَيَّبِينَ فِي
رُبُوعِ مِصْرَ الْمُبْتَلَاةِ
بِهِمْ.
هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُمْ مِمَّنِ
ابْتَلَى اللهُ مِصْرَ بِهِمْ لَا
يَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ لَا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَبِّقَ
الشَّرِيعَةَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَنْ
يَسْتَطِيعَ أَنْ يُطَبِّقَهَا عَلَى
غَيْرِهِ.
أَتَطْمَعُ أَنْ يُطِيعَكَ قَلْبُ
سُعْدَى وَتَزْعُمُ أَنَّ
قَلْبَكَ قَدْ عَصَاكَ؟!!
فَإِذَا كَانَ قَلْبُكَ يَعْصِيكَ،
وَيَتَمَرَّدُ عَلَيْكَ وَلَا
يُطِيعُكَ، أَفَتَطْمَعُ مَعَ ذَلِكَ
أَنْ يُطِيعَكَ قَلْبُهَا؟!!
مَنْ
لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَبِّقَ
الشَّرِيعَةَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَنْ
يَسْتَطِيعَ أَنْ يُطَبِّقَهَا عَلَى
غَيْرِهِ!
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُدَنْدِنُونَ
حَوْلَ عَدْلِ عُمَرَ وَإِنْصَافِهِ
لَا يَمْلِكُونَ مِنَ الْعَدْلِ مَا
يُقِيمُونَ بِهِ الْوَزْنَ
بِالْقِسْطِ مَعَ مُؤَالِفِيهِمْ،
فَمَاذَا يَصْنَعُونَ
بِمُخَالِفِيهِمْ؟!!
يَا هَؤُلَاءِ،
إِنَّ الشَّرِيعَةَ لَنْ تُطَبَّقَ
إِلَّا بِجِيلٍ طَبَّقَهَا عَلَى
نَفْسِهِ، وَصَبَغَ بِهَا حَيَاتَهُ
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَنَضَحَتْ
عَلَى أَخْلَاقِهِ وَسُلُوكِهِ،
حَتَّى يَدْخُلَ السُّوقَ بِأَخْلَاقِ
الْمَسْجِدِ، لَا كَأَنْتُمْ
تَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ بِأَخْلَاقِ
السُّوقِ!!
يَا هَؤُلَاءِ،
إِنَّ الشَّرِيعَةَ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى
الْعَقِيدَةِ، فَأَيْنَ هِيَ
الْعَقِيدَةُ فِي دَعْوَتِكُمْ، وَفِي
الْجَمَاعَةِ الَّتِي تَدْعَمُونَهَا،
وَتُرَوِّجُونَ لَهَا، وَتُقَاتِلُونَ
دُونَهَا، وَتُكَفِّرُونَ أَوْ
تُفَسِّقُونَ مَنْ خَالَفَهَا؟!!
يَا هَؤُلَاءِ،
لِمَاذَا تُطِيلُونَ عَلى
الْمُسْلِمِينَ الطَّرِيقَ،
وَتُصَعِّبُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
السَّهْلَ، وَتُبْعِدُونَ عَنِ
الْمُحْسِنِينَ الْقَرِيبَ؟!!
إِنَّ
الْجِيلَ الْمِثَالِيَّ الْأَوَّلَ
أَقَامَ الشَّرِيعَةَ لَمَّا قَامَ
بِهَا، وَأَرْسَى الدِّيَانَةَ لَمَّا
تَدَيَّنَ بِهَا، وَنَشَرَ
الْإِسْلَامَ لَمَّا عَمِلَ
بِالْإِسْلَامِ وَعَاشَ الْإِسْلَامَ،
وَثَبَّتَ دَعَائِمَ الْحَقِّ لَمَّا
تَحَقَّقَ بِهِ، وَسَمَّعَ الدُّنْيَا
فَسَمِعَتْ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ
وَمَحَاسِنَهَا لَمَّا تَخَلَّقَ
بِهَا وَحَقَّقَهَا.
الْيَوْمَ مِنْ حَقِّ الْإِخْوَانِ
الْمُسْلِمِينَ عَلَيْنَا، وَمِنْ
حَقِّ الشَّعْبِ الْمِصْرِيِّ
عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ، أَنْ نُجِيبَ
عَنْ هَذَا السُّؤَالِ:
مَاذَا لَوْ حَكَمَ الْإِخْوَانُ
مِصْرَ -أَعَاذَهَا اللهُ مِنْ كُلِّ
سُوءٍ-؟!!
وَالْجَوَابُ مُجْمَلٌ وَمُفَصَّلٌ:
فَأَمَّا الْمُجْمَلُ فَهُوَ:
أَنْ تَصِيرَ جُمْهُورِيَّةُ مِصْرَ
الْعَرَبِيَّةُ جُمْهُورِيَّةَ
مِصْرَ الْإِخْوَانِيَّةَ.
وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ:
فَأَوَّلًا:
أَنْ يَكُونَ الرَّئِيسُ الْفِعْلِيُّ
لِمِصْرَ الْمُرْشِدَ الْعَامَّ
لِلْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ!
وَثَانِيًا:
أَنْ تُدَارَ مِصْرُ دَاخِلِيًّا
وَخَارِجِيًّا مِنْ مَكْتَبِ
الْإِرْشَادِ، لَا مِنْ قَصْرِ
الرِّئَاسَةِ، إِلَّا إِذَا انْتَقَلَ
الْمَكْتَبُ إِلَى الْقَصْرِ!
وَثَالِثًا:
أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَةُ الْجَمَاعَةِ
مُقَدَّمَةً عَلَى مَصْلَحَةِ مِصْرَ،
وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا
بِحِيلَةٍ نَفْسِيَّةٍ تُصَوِّرُ
لَهُمْ أَنَّ مِصْرَ هِيَ
الْجَمَاعَةُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ
هِيَ مِصْرُ، فَمِصْرُ الْجَمَاعَةُ،
وَالْجَمَاعَةُ مِصْرُ!!
وَرَابِعًا:
أَنْ يَتِمَّ تَفْرِيغُ جَمِيعِ
أَسْرَارِ الدَّوْلَةِ الْعُلْيَا
وَأَدَقِّهَا فِي ذَاكِرَةِ
الْجَمَاعَةِ، وَسَرَادِيبِهَا؛
وَذَلِكَ لِضَمَانِ أَطْوَلِ مُدَّةٍ
فِي حُكْمِ الْبِلَادِ، وَلِإِعَادَةِ
صِيَاغَةِ التَّارِيخِ الْمُعَاصِرِ
عَلَى نَحْوٍ يُنْشِّئُ أَجْيَالًا
لَا تَعْرِفُ إِلَّا مِصْرَ
الْجَمَاعَةَ، وَالْجَمَاعَةَ
مِصْرَ!!
وَخَامِسًا:
أَنْ تَكُونَ التَّقِيَّةُ قَاعِدَةَ
السِّيَاسَةِ الدَّاخِلِيَّةِ
وَالْخَارِجِيَّةِ.
وَالتَّقِيَّةُ:
هِيَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا وَتُضْمِرَ
غَيْرَهُ، وَتَدَّعِيَ أَمْرًا
وَتَفْعَلَ سِوَاهُ.
وَسَادِسًا:
أَنْ تَكُونَ الْمَرْجِعِيَّةُ
الْإِسْلَامِيَّةُ لِلْأُصُولِ
الْعِشْرِينَ لِحَسَنِ الْبَنَّا، لَا
لِلْكِتَابِ وَلَا لِلسُّنَّةِ،
وَأَنْ يُفْهَمَ الْإِسْلَامُ مِنْ
خِلَالِ الْأُصُولِ الْعِشْرِينَ،
وَهُوَ عَكْسٌ لِلْوَاقِعِ، وَأَخْذٌ
بِاللَّا مَعْقُولِ، تَمَامًا
كَالْبَقَرَةِ فَوْقَ الشَّجَرَةِ!!
وَالْعُصْفُورِ يَحْلِبُ لَبَنًا!!
وَذَلِكَ لِأَنَّكَ كَأَنَّمَا
تُرِيدُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى
الدُّنْيَا عَلَى سَعَتِهَا مِنْ
سَمِّ الْخِيَاطِ، وَلَوْ قُلْتَ:
نَعْرِضُ الْأُصُولَ الْعِشْرِينَ
عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَا
قَبِلَاهُ قَبِلْنَاهُ، وَمَا
رَدَّاهُ رَدَدْنَاهُ، أَمَّا أَنْ
تَعْرِضَ الْإِسْلَامَ عَلَى
الْأُصُولِ الْعِشْرِينَ، فَهَذَا
عَكْسٌ لِلْوَاقِعِ لَا يُقْبَلُ.
فَأَنْتَ كَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى
الدُّنْيَا عَلَى سَعَتِهَا مِنْ
سَمِّ الْخِيَاطِ!!
وَسَابِعًا:
أَنْ يَرْتَفِعَ الْمَدُّ الشِّيعِيُّ
فِي مِصْرَ بِحُجَّةِ التَّقْرِيبِ
بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، حَتَّى يَتِمَّ
التَّمْكِينُ لِلرَّوَافِضِ فِي
مِصْرَ، بِإِنْشَاءِ حِزْبٍ شِيعِيٍّ،
وَحُسَيْنِيَّاتٍ لِتَعَبُّدِهِمْ،
مَعَ تَدْرِيسٍ لِمَذْهَبِهِمْ،
وَتَرْوِيجٍ لِخُرَافَاتِهِمْ
وَبَاطِلِهِمْ، بِحُجَّةِ مَحَبَّةِ
أَهْلِ الْبَيْتِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَمْرَ
التَّقْرِيبِ قَدِيمٌ، بَدَأَهُ
الْبَنَّا نَفْسُهُ، وَدَارُ
التَّقْرِيبِ بَيْنَ السُّنَّةِ
وَالشِّيعَةِ وَمَا كَانَ مِنَ
اسْتِقْبَالِ آيَاتِهِمْ فِيهَا
أَمْرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ
إِلْمَامٌ بِتَارِيخِ الْجَمَاعَةِ،
وَأَمَّا دَعْوَاهُمُ الَّتِي
يَنْشُرُونَهَا فِي الْآفَاقِ، فَهِيَ
أَمْرٌ لَا يَغِيبُ عَلَى سَامِعٍ،
وَهُوَ أَنَّ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُنَا؛
يَعْبُدُونَ إِلَهَنَا، وَيُؤْمِنُونَ
بِنَبِيِّنَا، وَيُصَلُّونَ إِلَى
قِبْلَتِنَا، وَيَنْبَغِي عَلَيْنَا
أَنْ نُقَارِبَهُمْ وَأَنْ
نَتَقَرَّبَ مِنْهُمْ، وَأَنْ
نُوَالِيَهُمْ، وَأَنْ نُعَادِيَ
أَعْدَاءَهُمْ ...
فِي الْوَقْتِ الَّذِي
يَقُولُ فِيهِ الرَّوَافِضُ كَمَا فِي
((الْأَنْوَارِ
النُّعْمَانِيَّةِ))
لِنِعْمَةِ اللهِ الْجَزَائِرِيِّ فِي
(الْمُجَلَّدِ الثَّانِي فِي
الصَّفْحَةِ الثَّامِنَةِ
وَالسَّبْعِينَ بَعْدَ الْمِئَتَيْنِ)،
يَقُولُ:
«إِنَّا
لَا نَجْتَمِعُ مَعَ السُّنَّةِ عَلَى
إِلَهٍ، وَلَا عَلَى نَبِيٍّ، وَلَا
عَلَى إِمَامٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ
السُّنَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ
رَبَّهُمُ الَّذِي كَانَ مُحَمَّدٌ
نَبِيَّهُ، وَكَانَ خَلِيفَتَهُ مِنْ
بَعْدِهِ أَبُو بَكْرٍ، يَقُولُونَ:
إِنَّ رَبَّهُمْ هَذَا. وَنَحْنُ
-الشِّيعَةَ- نَقُولُ: لَا نَقُولُ
بِذَلِكَ الرَّبِّ، وَلَا بِذَلِكَ
النَّبِيِّ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ
الرَّبَّ الَّذِي خَلَقَ خَلِيفَةَ
نَبِيِّهِ أَبَا بَكْرٍ لَيْسَ
رَبَّنَا، وَلَا ذَلِكَ النَّبِيُّ
بِنَبِيِّنَا».
وَيَقُولُ فِي
كِتَابِهِ ((نُورُ
الْبَرَاهِينِ))
فِي (الْمُجَلَّدِ الْأَوَّلِ فِي
الصَّفْحَةِ السَّابِعَةِ
وَالْخَمْسِينَ):
«قَالَ
الصَّدُوقُ فِي تَمَامِ مَا
حَكَيْنَاهُ عَنْهُ فِي الْمَبَاحِثِ
الَّتِي جَرَتْ مِنَ الْمُبَاحَثَةِ
مَعَ عُلَمَاءِ الْجُمْهُورِ –يَعْنِي
السُّنَّةَ- فِي مَجْلِسِ بَعْضِ
الْمُلُوكِ، لَمَّا قَالُوا لَهُ
(يَعْنِي أَهْلَ السُّنَّةِ):
إِنَّنَا وَأَنْتُمْ عَلَى إِلَهٍ
وَاحِدٍ وَنَبِيٍّ وَاحِدٍ،
وَافْتَرَقْنَا فِي تَعْيِينِ
الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ.
فَقَالَ: لَيْسَ الْحَالُ عَلَى مَا
تَزْعُمُونَ، بَلْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ
فِي طَرَفٍ مِنَ الْخِلَافِ، حَتَّى
فِي اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَفِي النَّبِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّكُمْ
-أَهْلَ السُّنَّةِ- تَزْعُمُونَ
أَنَّ لَكُمْ رَبًّا، وَذَلِكَ
الرَّبُّ أَرْسَلَ رَسُولًا
خَلِيفَتُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَبُو
بَكْرٍ.
وَنَحْنُ -الشِّيعَةَ-
نَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ الرَّبَّ
لَيْسَ رَبًّا لَنَا، وَذَلِكَ
النَّبِيَّ لَا نَقُولُ
بِنُبُوَّتِهِ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ
رَبَّنَا الَّذِي نَصَّ عَلَى أَنَّ
خَلِيفَةَ رَسُولِهِ عَلِيُّ بْنُ
أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السَّلَام،
فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ؟!!»
انْتَهَى كَلَامُهُ عَامَلَهُ اللهُ
بِعَدْلِهِ!!
وَهُمْ لَا
يُصَحِّحُونَ الْكِتَابَ الَّذِي
بَيْنَ أَيْدِينَا، يَدَّعُونَ
التَّحْرِيفَ فِي كِتَابِ رَبِّ
الْأَرْبَابِ،
فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ
نَلْتَقِي؟! وَمَعَ مَنْ
نَتَقَارَبُ؟!!
ثَامِنًا:
أَنْ يَتِمَّ تَقْرِيبُ السُّنَّةِ
مِنَ الشِّيعَةِ، بِحُجَّةِ
التَّقْرِيبِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ
الْإِسْلَامِيَّةِ، وَهُوَ فِي
الْحَقِيقَةِ –أَعْنِي التَّقْرِيبَ-
تَقْرِيبُ السُّنَّةِ مِنَ
الشِّيعَةِ، وَلَيْسَ بِتَقْرِيبٍ
بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ.
تَاسِعًا:
اسْتِحْدَاثُ قَوَانِينَ وَتَعْدِيلُ
قَوَانِينَ مِنْ أَجْلِ
الِاسْتِحْوَاذِ عَلَى مَشْيَخَةِ
الْأَزْهَرِ وَمَجْمَعِ الْبُحُوثِ
وَالْإِفْتَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَصِرْ
إِخْوَانِيًّا صَلِيبَةً، فَلَا
أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ
إِخْوَانِيَّ الْهَوَى، وَإِلَّا
فَهُوَ الْإِقْصَاءُ وَالْإِبْعَادُ،
وَمَنْ خَالَفَ وَعَارَضَ،
فَالسُّجُونُ مَوْجُودَةٌ! بِاسْمِ
الدِّينِ، وَلِلَّهِ! وَحِفَاظًا
عَلَى الْمِلَّةِ، وَحِيَاطَةً
لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَجِهَادًا
فِي سَبِيلِ اللهِ!!!
عَاشِرًا
(فِي السُّؤَالِ: مَاذَا لَوْ
حَكَمَ الْإِخْوَانُ مِصْرَ -أَعَاذَهَا
اللهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ-؟!):
أَنْ يَتِمَّ تَدْرِيبُ شَبَابِ
الْإِخْوَانِ عَلَى التَّفْجِيرِ
وَالتَّدْمِيرِ وَالِانْتِحَارِ،
وَاسْتِعْمَالِ السِّلَاحِ عَلَى
أَيْدِي كَوَادِرَ مِنْ حَمَاسٍ،
وَحِزْبِ اللَّاتِ، وَالْحَرَسِ
الْوَطَنِيِّ الْإِيرَانِيِّ
الرَّافِضِيِّ، وَكُلُّ ذَلِكَ
بِحُجَّةِ الْإِعْدَادِ لِلْجِهَادِ
فِي سَبِيلِ اللهِ!!
حَادِي عَشَرَ:
أَنْ يَقَعَ التَّبَاعُدُ بَيْنَ
مِصْرَ الَّتِي تُقَارِبُ الشِّيعَةَ
وَتَرْتَمِي فِي أَحْضَانِ
الرَّوَافِضِ، وَبَيْنَ الدَّوْلَةِ
السُّنِّيَّةِ السَّلَفِيَّةِ
السُّعُودِيَّةِ، وَكُلِّ دَوْلَةٍ
سُنِّيَّةٍ، وَأَنْ يَتِمَّ تَصْدِيرُ
التَّفْجِيرِ وَالْقَلَاقِلِ
إِلَيْهَا عَنْ طَرِيقِ شِيعَةٍ
مِصْرِيِّينَ أَوْ لُبْنَانِيِّينَ
أَوْ إِيرَانِيِّينَ يُوفَدُونَ عَنْ
طَرِيقِ مِصْرَ نَفْسِهَا.
ثَانِي عَشَرَ:
أَنْ يُعَادَ تَشْكِيلُ الْبِنْيَةِ
التَّحْتِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ عَلَى
أَسَاسِ الْوَلَاءِ وَالِانْتِمَاءِ
لِلْجَمَاعَةِ، لَا عَلَى أَسَاسِ
الْكَفَاءَةِ وَالْإِخْلَاصِ فِي
الْعَمَلِ وَتَقْوَى اللهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ فِي أَدَائِهِ،
بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ
يَكُونَ الْخُفَرَاءُ، وَمَشَايِخُ
الْبَلَدِ، وَالْعُمَدُ، وَرُؤَسَاءُ
مَرَاكِزِ الشَّبَابِ، وَرُؤَسَاءُ
الْجَمْعِيَّاتِ الزِّرَاعِيَّةِ،
وَالْمَجَالِسِ الْمَحَلِّيَّةِ
الْقَرَوِيَّةِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ
رُؤَسَاءُ مَجَالِسِ الْمُدُنِ،
وَالْإِدَارَاتِ الصِّحِّيَّةِ،
وَالتَّعْلِيمِيَّةِ،
وَالزِّرَاعِيَّةِ،
وَالْهَنْدَسِيَّةِ، وَغَيْرِهَا،
وَيَكُونُ مُدِيرُو
الْمُسْتَشْفَيَاتِ،
وَالْمُدِيرِيَّاتِ،
وَالْمُحَافِظُونَ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ
الْجِهَازِ الْإِدَارِيِّ
وَالتَّنْفِيذِيِّ -مِنَ
الْمُنْتَمِينَ إِلَى الْجَمَاعَةِ
وَحْدَهَا.
وَسَيَتِمُّ التَّخَلُّصُ مِنَ
الْقَائِمِينَ بِالْأَعْمَالِ
بِحُجَّةِ التَّطْهِيرِ! فَهَؤُلَاءِ
كُلُّهُمْ مِنَ النِّظَامِ
الْبَائِدِ!
مَعَ
أَنَّ الْإِخْوَانَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ
النِّظَامِ الْبَائِدِ!!
وَالَّذِينَ وَصَلُوا إِلَى مَجْلِسِ
الشَّعْبِ فِي انْتِخَابَاتِ سَنَةِ
خَمْسٍ وَأَلْفَيْنِ أَجَازَهُمُ
النِّظَامُ الْبَائِدُ، فَكَانَ لَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْ
هَؤُلَاءِ مُجَازًا عَنْ طَرِيقِ
أَمْنِ الدَّوْلَةِ، وَمَا فَوْقَ
ذَلِكَ مِنَ الْمُؤَسَّسَاتِ
السِّيَادِيَّةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ
مِنَ النِّظَامِ الْعَامِّ.
فَلَوْ شِئْتَ قُلْتَ: الْكُلُّ مِنَ
النِّظَامِ الْبَائِدِ يَا عَزِيزِي!!
ثَالِثَ عَشَرَ:
أَنْ تَتِمَّ السَّيْطَرَةُ
التَّامَّةُ عَلَى الْإِعْلَامِ
وَالتَّعْلِيمِ مِنَ
النَّاحِيَتَيْنِ؛ النَّظَرِيَّةِ
وَالْعَمَلِيَّةِ، وَمِنَ
الْمَنْظُورَيْنِ؛ الْعِلْمِيِّ
وَالتَّطْبِيقِيِّ، وَسَتَكُونُ
الدَّعْوَةُ جَلِيَّةً وَمُبَطَّنَةً
إِلَى الْجَمَاعَةِ وَفِكْرِهَا،
وَعَبْقَرِيَّةِ بَانِيهَا،
وَمَرَاحِلِ كِفَاحِهَا، مَعَ
التَّرْكِيزِ عَلَى مُنْجَزَاتِهَا
فِي دَحْرِ الْيَهُودِ فِي سَنَةِ
ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ، إِلَى غَيْرِ
ذَلِكَ مِنَ الِاغْتِيَالَاتِ
السِّيَاسِيَّةِ كَالْخَازِنْدَارِ،
وَالنُّقْرَاشِي، وَتَفْجِيرِ
الْمُؤَسَّسَاتِ، وَمَا أَشْبَهَ مِنَ
الْخَرَابِ وَالدَّمَارِ، إِلَى
غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْجَزَاتِ
الَّتِي سَوْفَ تُشْرَبُ مَعَالِمَهَا
أَرْوَاحُ الْعِبَادِ!!
مَعَ
الْإِلْحَاحِ عَلَى الْإِعَادَةِ
وَالتَّكْرِيرِ؛ حَتَّى يَسْتَقِرَّ
فِي وُجْدَانِ جِيلٍ يَتَشَكَّلُ
أَنَّ مَا يَسْمَعُهُ حَقِيقَةٌ لَا
رَيْبَ فِيهَا، وَلَا شَكَّ
يَعْتَرِيهَا، وَيَتَرَبَّى عَلَى
ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنَ الْأَطْفَالِ
وَالشَّبَابِ لَا يَعْرِفُونَ
غَيْرَهُ، وَلَا يَعْتَقِدُونَ
سِوَاهُ.
رَابِعَ عَشَرَ:
سَيَتِمُّ تَغْيِيرُ الْمَنَاهِجِ
التَّعْلِيمِيَّةِ فِي التَّارِيخِ
وَغَيْرِهِ؛ بِحَيْثُ تُمْسَخُ
حِقْبَةٌ، وَتُنْشَأُ عَلَى
أَطْلَالِهَا حِقْبَةٌ أُخْرَى،
يَنْعَقُ عَلَى جَوَانِبِهَا الْبُومُ
وَالْغِرْبَانُ!!
سَيُعَادُ كِتَابَةُ التَّارِيخِ مِنْ
مَنْظُورِ الْجَمَاعَةِ؛ إِذْ هُمْ
فِي السُّلْطَةِ، وَمَسْخُ
التَّارِيخِ صَارَ بِدْعَةً حَسَنَةً
فَيَأْخُذُ بِهَا مَنْ أَرَادَ.
خَامِسَ عَشَرَ:
سَتَتِمُّ السَّيْطَرَةُ عَلَى
الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
بِالسَّيْطَرَةِ عَلَى الْمَنَابِرِ
وَالْوَعْظِ وَالْإِدَارَاتِ
وَالتَّفْتِيشِ وَالْمُدِيرِيَّاتِ
وَالْوِزَارَةِ وِزَارَةِ
الْأَوْقَافِ، بِحَيْثُ تُصْبِحُ
الدَّعْوَةُ دَعْوَةً إِلَى
الْإِخْوَانِ فِكْرًا وَجَمَاعَةً،
لَا إِلَى الْإِسْلَامِ حَقِيقَةً
وَرِسَالَةً، مَعَ نَشْرِ الْكُتُبِ
الْإِخْوَانِيَّةِ بِكَثَافَةٍ
ظَاهِرَةٍ، كَرَسَائِلِ الْبَنَّا،
يَقُومُ عَلَى ذَلِكَ التَّيَّارُ
الْبَنَّائِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ،
وَقَدْ حَدَثَ لَهُ الْيَوْمَ
إِقْصَاءٌ، وَكُتُبِ سَيِّد قُطْب،
وَيَقُومُ عَلَى تَرْوِيجِهَا
وَنَشْرِهَا وَإِشَاعَتِهَا، بَلْ
وَفَرْضِهَا وَتَدْرِيسِهَا
التَّيَّارُ الْقُطْبِيُّ، وَهُوَ
بِيَدِهِ الْيَوْمَ زِمَامُ
الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ عَلَى
قِمَّتِهَا وَرَأْسِ هَرَمِهَا، هُوَ
تَيَّارٌ قُطْبِيٌّ، وَلَيْسَ
بِتَيَّارٍ بَنَّائِيٍّ.
أُقْصِيَ فِكْرُ حَسَنِ الْبَنَّا
جَانِبًا، وَالْفِكْرُ الْغَالِبُ
الْيَوْمَ هُوَ فِكْرُ سَيِّد قُطْب،
وَهُوَ يُفَسِّرُ لَكَ التَّقَارُبَ
الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ
التَّكْفِيرِيِّينَ الَّذِينَ
تَنْضَحُ بَوَاطِنُهُمْ عَلَى
ظَوَاهِرِهِمْ فِي فَلْتَاتِ
أَلْسِنَتِهِمْ، وَلَفْتَاتِ
أَعْنَاقِهِمْ، وَإِشَارَاتِ
أَيْدِيهِمْ، وَفِي تَهْدِيدَاتِهِمْ
جَلِيَّةً وَمُبَطَّنَةً، يُفَسِّرُ
لَكَ التَّقَارُبَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ
وَالْجَمَاعَةِ!!
سَادِسَ عَشَرَ:
أَنْ يَتِمَّ الْإِقْصَاءُ لِكُلِّ
مَنْ تُشَمُّ مِنْهُ رَائِحَةُ
مُعَارَضَةٍ، فَضْلًا عَنِ
الْإِعْلَانِ بِهَا وَإِظْهَارِهَا.
سَابِعَ عَشَرَ:
أَنْ يَتِمَّ الْإِقْصَاءُ
وَالتَّشَفِّي، مَعَ الِانْتِقَامِ
وَإِيقَاعِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى كُلِّ
مَنْ عَارَضَ أَوْ نَصَحَ أَوْ
وَجَّهَ أَوْ نَقَدَ- بِاسْمِ
إِقَامَةِ الْعَدْلِ وَإِحْقَاقِ
الْحَقِّ.
ثَامِنَ عَشَرَ:
أَنْ تُلْصَقَ كُلُّ سَلْبِيَّاتِ
الْعَمَلِ الْإِسْلَامِيِّ بِأَهْلِ
السُّنَّةِ وَحْدَهُمْ، وَسَيَكُونُ
التَّوْجِيهُ الشَّعْبِيُّ
الْإِعْلَامِيُّ جَاهِزًا دَائِمًا
لِتَحْمِيلِ أَهْلِ السُّنَّةِ
مَسْئُولِيَّةَ فَشَلِ السُّلْطَةِ
الَّتِي لَيْسُوا بِمَسْئُولِيهَا.
سَيَكُونُونَ دَائِمًا فِي مَوْضِعِ
اتِّهَامٍ؛ بِأَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ
الْعَمَلَ، وَيُعَطِّلُونَ دَوَرَانَ
عَجَلَةِ الْإِنْتَاجِ، وَأَنَّ
أَفْكَارَهُمُ الْبَائِدَةَ،
وَرَجْعِيَّتَهُمُ الْمَرِيضَةَ هِيَ
الَّتِي تَعُوقُ الْجَمَاعَةَ
وَتَعِيقُ حَرَكَةَ سَيْرِهَا
لِإِنْفَاذِ مَشْرُوعِ النَّهْضَةِ،
الَّذِي يُقَالُ فِيهِ الْيَوْمَ:
مَشْرُوعُ النَّهْضَةِ هُوَ مَشْرُوعُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ!!!
وَهُوَ اكْتِشَافٌ جَدِيدٌ
يَكْتَشِفُهُ الْمُسْلِمُونَ
وَالْعَالَمُ بَعْدَ أَرْبَعَةَ
عَشَرَ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ:
أَنَّ نَبِيَّ اللهِ وَرَسُولَهُ لَمْ
يَأْتِ بِرِسَالَةٍ وَلَا بِنُبُوَّةٍ
وَإِنَّمَا أَتَى بِمَشْرُوعٍ!!
مَشْرُوعُ مُحَمَّدٍ!! لَا رِسَالَةُ
مُحَمَّدٍ، وَلَا إِسْلَامٌ جَاءَ
بِهِ مُحَمَّدٌ، وَإِنَّمَا هُوَ
مَشْرُوعُ مُحَمَّدٍ، مَشْرُوعُ
النَّهْضَةِ!!
تَاسِعَ عَشَرَ:
التَّغَلْغُلُ فِي الْمُؤَسَّسَاتِ
السِّيَادِيَّةِ؛ للِاِسْتِحْوَاذِ
عَلَيْهَا حَتَّى قِمَمِهَا؛
كَالْمُخَابَرَاتِ، وَالْأَمْنِ
الْقَوْمِيِّ، وَقِيَادَةِ الْجَيْشِ،
وَأَكَادِيمِيَّةِ الشُّرْطَةِ،
وَالنِّيَابَةِ وَالْقَضَاءِ،
وَذَلِكَ بِأَنْ تَتَوَاتَرَ
مُتَوَالِيَةً دَفْعَاتٌ فِي إِثْرِ
دَفْعَاتٍ؛ لِكَيْ تَتَخَرَّجَ بَعْدُ
فِيمَا يُعَدُّ فِيهِ مَنْ
يَتَخَرَّجُ لِيَكُونَ فِي تِلْكَ
الْمَنَاصِبِ الْحَسَّاسَةِ، وَمَا
هِيَ إِلَّا دَوْرَةٌ مِنْ زَمَانٍ،
وَمَا أَسْرَعَ مَا يَمْضِي
الزَّمَانُ، حَتَّى تُصْبِحَ مِصْرُ
-كَمَا قُلْتُ أَوَّلًا- بَدَلَ أَنْ
كَانَتْ (جُمْهُورِيَّةَ مِصْرَ
الْعَرَبِيَّةَ) تُصْبِحُ
(جُمْهُورِيَّةَ مِصْرَ
الْإِخْوَانِيَّةَ)!!
وَلَنْ يَحْيَا الْقَوْمُ فِي
جَزِيرَةٍ مُنْعَزِلَةٍ بَعِيدًا عَنِ
الْأَحْدَاثِ فِي الدَّاخِلِ
وَالْخَارِجِ، فِي الْوَاقِعِ
الْمَحَلِّيِّ الدَّاخِلِيِّ، وَفِي
الْوَاقِعِ الْمُجَاوِرِ عَلَى
النِّطَاقِ الْقَوْمِيِّ كَمَا
يَقُولُونَ، ثُمَّ عَلَى النِّطَاقِ
الْقَوْمِيِّ، سَتُحَاكُ الْفِتَنُ
وَالْمُؤَامَرَاتُ، وَسَيُحَرَّشُ
بَيْنَ طَوَائِفِ الشَّعْبِ، وَهُمْ
بَيْنَ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا التَّخَلِّي
وَالتَّنَازُلِ عَنْ دِينِ
الْإِسْلَامِ فِي ثَوَابِتِهِ، وَفِي
أُصُولِهِ وَجَوْهَرِهِ؛ مِنْ أَجْلِ
إِرْضَاءِ مَنْ يُعَارِضُ.
وَإِمَّا التَّمَسُّكِ
بِذَلِكَ لِذَرِّ الرَّمَادِ فِي
الْعُيُونِ أَمَامَ مَنْ قَدْ
أُطْلِقَتْ أَمَامَهُمُ الْعُهُودُ،
فَهُوَ الدُّخُولُ فِي الْحُروبِ.
فَاللَّهُمَّ سَلِّمْ وَارْحَمْ،
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ!!!
الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ
جَمَاعَةٌ بِدْعِيَّةٌ، وَفِرْقَةٌ
مِنَ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ
فِرْقَةٍ الَّتِي ذَكَرَهَا
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
الِافْتِرَاقِ، وَقَدْ أَسَّسَ
الْجَمَاعَةَ عَلَى الطَّرِيقَةِ
الصُّوفِيَّةِ الْحَصَافِيَّةِ
الشَّيْخُ أَحْمَدُ السُّكَّرِيُّ،
لَا كَمَا هُوَ ذَائِعٌ شَائِعٌ، بَلْ
أَسَّسَهَا أَوَّلًا: الشَّيْخُ
أَحْمَدُ السُّكَّرِيُّ فِي
الْمَحْمُودِيَّةِ سَنَةَ عِشْرِينَ
وَتِسْعِمِئَةٍ وَأَلْفٍ، هُوَ
وَعَلِيّ أَحْمَد عُبَيْد، وَحَامِد
عَسْكَرِيَّة.
وَكَانَ حَسَن أَحْمَد عَبْد
الرَّحْمَنِ الْبَنَّا السَّاعَاتِي
زَمِيلًا لِعَلِيّ عُبَيْد، فَدَعَاهُ
عُبَيْدٌ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِي
اجْتِمَاعَاتِ الشُّعْبَةِ الَّتِي
ضَمَّتْ كَثِيرًا مِنْ أَبْنَاءِ
الْمَحْمُودِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنِ
الْبَنَّا قَدْ تَجَاوَزَ
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ،
وَقَدَّم السُّكَّرِيُّ الْبَنَّا
عَلَى نَفْسِهِ، وَأَزَّهُ عَلَى
اسْتِكْمَالِ دِرَاسَتِهِ.
فَالْتَحَقَ الْبَنَّا بِدَارِ
الْعُلُومِ، وَعُيِّنَ بَعْدَ
التَّخَرُّجِ مُدَرِّسًا
إِلْزَامِيًّا بِمَدِينَةِ
الْإِسْمَاعِيِلِيَّةِ، فَأَسَّسَ
شُعْبَةً لِلْإِخْوَانِ، شُعْبَةً،
فَالْجَمَاعَةُ كَانَتْ قَدْ
أُسِّسَتْ، فَأَسَّسَ شُعْبَةً
لِلْإِخْوَانِ فِي
الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ
وَعِشْرِينَ وَتِسْعِمِئَةٍ وَأَلْفٍ،
بَعْدَ أَنْ أَسَّسَ الْجَمَاعَةَ
أَحْمَدُ السُّكَّرِيُّ سَنَةَ
عِشْرِينَ وَتِسْعِمِئَةٍ وَأَلْفٍ.
ثُمَّ
انْتَقَلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ
وَتِسْعِمِئَةٍ وَأَلْفٍ، وَطَلَبَ
السُّكَّرِيُّ مِنْ أَفْرَادِ
الْجَمَاعَةِ مُبَايَعَةَ الْبَنَّا
مُرْشِدًا عَامًّا، مُفَضِّلًا
إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ بِإِلْحَاحٍ
وَإِصْرَارٍ، وَعُيِّنَ السُّكَّرِيُّ
وَكِيلًا لِلْجَمَاعَةِ، ثُمَّ
انْضَمَّ عَبْدُ الْحَكِيمِ عَابِدِين
صِهْرُ الْبَنَّا إِلَى الْجَمَاعَةِ،
وَكَذَلِكَ سَعِيد رَمَضَان زَوْجُ
ابْنَةِ الْبَنَّا، وَكَانَ
لِلسُّكَّرِيِّ عَلَيْهِمَا
تُحَفُّظَاتٌ.
وَدَبَّ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْبَنَّا بِسَبَبِهِمَا، حَتَّى
أَطَاحَ الْبَنَّا بِالسُّكَّرِيِّ،
وَأَبْقَى صِهْرَهُ وَزَوْجَ
ابْنَتِهِ عَلَى مَا كَانَ،
وَخِطَابَاتُ السُّكَّرِيِّ الَّتِي
أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ مَنْشُورَةٌ
عَلى صَفْحَاتِ الْجَرَائِدِ، وَكَذَا
مَا كُتِبَ فِي صَحِيفَةِ (حِزْبُ
مِصْرَ الْفَتَاةِ)، كُلُّ ذَلِكَ
يَحْفَظُهُ التَّارِيخُ، وَلَمْ
يُعَفِّ عَلَيْهِ نِسْيَانٌ، وَلَكِنْ
أَبْشِرُوا، فَلَا بُدَّ مِنْ
إِعَادَةِ صِيَاغَةِ التَّارِيخِ!
الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ لَيْسَ
عِنْدَهُمْ مَنْهَجٌ اعْتِقَادِيٌّ،
فَهُمْ يَجْمَعُونَ كُلَّ مَنْ طَارَ
وَدَرَجَ، وَهَبَّ وَدَبَّ، مَعَهُمُ
الْمُعْتَزِلِيُّ، وَالْأَشْعَرِيُّ،
وَالصُّوفِيُّ، وَلَوْ كَانَ
اتِّحَادِيًّا حُلُولِيًّا،
وَمَعَهُمْ دُونَ ذَلِكَ، بَلْ
وَمَعَهُمُ النَّصَارَى!!
فَمَا
عِنْدَهُمْ مِنْ مَنْهَجٍ
اعْتِقَادِيٍّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ
الْإِصْلَاحَ لَا يَبْدَأُ إِلَّا
بِالْعَقِيدَةِ، وَأَنْتَ عِنْدَمَا
تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الدِّينِ، لَا
تَقُولُ لَهُمْ: نُطَبِّقُ عَلَيْكُمْ
شَرِيعَةَ اللهِ، وَهُمْ لَا
يَعْرِفُونَهُ، وَلَا تَقُولُ لَهُمْ:
اتَّبِعُوا رَسُولَ اللهِ، وَهُمْ
يَجْهَلُونَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ
بَيَانِ الْعَقِيدَةِ أَوَّلًا؛ إِذِ
الشَّرِيعَةُ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى
عَقِيدَتِهَا.
فَهَذِهِ الْخُدْعَةُ الْكُبْرَى
الَّتِي يُرَوِّجُ لَهَا قَوْمٌ مِنْ
جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ
بِلِسَانِنَا، وَيَنْطِقُونَ
بِكَلَامِنَا وَلُغَتِنَا،
يَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا
تَأْخُذُونَ، هَذِهِ الْخُدْعَةُ
الْكُبْرَى الَّتِي يُرَوِّجُ لَهَا
أُولَئِكَ زَائِفَةٌ مَكْشُوفَةٌ،
وَاضِحَةٌ مَفْضُوحَةٌ.
مَنْ
مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ
الدَّعْوَةَ بِغَيْرِ الْعَقِيدَةِ؟!!
مَنْ
مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ
بَدَأَ قَوْمَهُ بِغَيْرِ الدَّعْوَةِ
إِلَى تَوْحِيدِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ؟!!
مَنْ؟!!
كُلُّهُمْ، كُلُّ
الْمُرْسَلِينَ مِنْ نُوحٍ إِلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَ
أَقْوَامَهُمْ إِلَى إِخْلَاصِ
الْعِبَادَةِ لِلَّهِ، إِلَى
تَوْحِيدِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَحْدَهُ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى
النَّتَائِجِ،
((يَأْتِي
النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ)).
لَمْ
تُزَيَّفِ الْعَقِيدَةُ، وَلَمْ
تُبَدَّلِ الشَّرِيعَةُ، وَلَمْ
تُغَيَّرْ مَعَالِمُ الْمِلَّةِ،
وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمْرُ وَاضِحًا
مَكْشُوفًا.
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَلِّمَ
هَذَا الْبَلَدَ وَجَمِيعَ بُلْدَانِ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ؛
إِنَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
وَحْدَهُ الْهَادِي إِلَى الصِّرَاطِ
الْمُسْتَقِيمِ.
نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
إِنْ أَرَادَ بِالْمُسْلِمِينَ
فِتْنَةً أَنْ يَقْبِضَنَا إِلَيْهِ
غَيْرَ فَاتِنِينَ وَلَا
مَفْتُونِينَ.
هَذَا الَّذِي
ذَكَرْتُ فِي الْإِجَابَةِ عَنْ
ذَلِكَ السُّؤَالِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ
بَابِ النُّصْحِ، فَلَقَدْ بُويِعَ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ
أَصْحَابِهِ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ
مُسْلِمٍ، وَ((الدِّينُ
النَّصِيحَةُ)).
قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ:
((لِلَّهِ
وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ
وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ
وَعَامَّتِهِمْ)).
لَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ
وَاضِحًا وَمَكْشُوفًا؛ لِأَنَّهُ
لَمْ يَعُدْ هُنَالِكَ مَجَالٌ
لِلْخِدَاعِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ
الْمُسْلِمَةَ بَعْدَمَا نَزَلَ بِهَا
مِنَ النَّوَازِلِ فِي الْعَامِ
الَّذِي خَلَا، مَا عَادَتْ
تَتَحَمَّلُ التَّجَارِبَ، فَلَا
بُدَّ مِنَ الْعَوْدَةِ إِلَى
الْإِسْلَامِ كَمَا جَاءَ بِهِ
رَسُولُهُ، وَإِلَى الدِّينِ كَمَا
حَقَّقَهُ نَبِيُّهُ، وَإِلَى
الدَّعْوَةِ كَمَا كَانَ عَلَيْهَا
أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
وَإِلَّا، فَقَدْ:
سَارَتْ مُشَرِّقَةً وَسِرْتُ
مُغَرِّبًا شَتَّانَ
بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ!!
نَقُولُ هَذَا، وَأَنَا عَلَى ذُكْرٍ
بِمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ
اللَّطِيفِ، لَمَّا صَارَحَ
وَوَضَّحَ، وَأَفْتَى بِبَيْعِ
الْأُمَرَاءِ، فَجَاءَ مَمْلُوكٌ
حَمَّرَ عَيْنَيْهِ، وَنَفَخَ
أَوْدَاجَهُ، وَشَهَرَ سَيْفَهُ،
وَامْتَطَى صَهْوَةَ جَوَادِهِ،
وَقَرَعَ الْبَابَ عَلَى الْعِزِّ
قَرْعًا عَنِيفًا، فَخَرَجَ وَلَدُ
الْعِزِّ عَبْدُ اللَّطِيفِ، فَقَالَ
لَهُ (زَاعِقًا نَاهِقًا): أَيْنَ
أَبُوكَ؟!
فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّطِيفِ إِلَى
الْعِزِّ كَئِيبًا مَا فِي وَجْهِهِ
دَمُ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ،
بِالْبَابِ مَمْلُوكٌ مِنْ صِفَتِهِ
كَيْتَ وَكَيْتَ، وَمِنْ هَيْئَتِهِ
زَيْتَ وَزَيْتَ!! وَالشَّيْطَانُ
قَدْ رَكِبَ كَتِفَيْهِ، فَضَحِكَ
الْعِزُّ وَقَالَ: يَا وَلَدِي،
أَتَخَافُ أَنْ يُقْتَلَ أَبُوكَ فِي
سَبِيلِ اللهِ؟! إِنَّ أَبَاكَ
أَقَلُّ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ فِي
سَبِيلِ اللهِ!
وَكَذَا نَقُولُ، فَلَا خَوْفٌ
عَلَيْنَا، مَنْ نَكُونُ؟ وَمَا
نَكُونُ!!
لَكِنْ عُذْنَا بِحَوْلِهِ، وَعُذْنَا
بِطَوْلِهِ، فَإِنْ قَتَلُوكَ يَا
ابْنَ سَعِيدٍ، فَإِنَّ اللهَ
يَخْتَارُ الشَّهِيدَ!!!
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى
نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
[الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ]
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا
شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى
الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً وَسَلَامًا
دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى
يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ أَخْرَجَ
مُسْلِمٌ فِي
((صَحِيحِهِ))
بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ:
((قُلْ:
اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي،
وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ
الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ سَدَادَ
السَّهْمِ)).
وَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ التَّعْلِيمِ
وَالنُّصْحِ؛ حَيْثُ أَمَرَهُ أَنْ
يَذْكُرَ إِذَا سَأَلَ اللهَ الْهُدَى
إِلَى طَرِيقِ رِضَاهُ وَجَنَّتِهِ
كَوْنَهُ مُسَافِرًا وَقَدْ ضَلَّ
عَنِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَدْرِي
أَيْنَ يَتَوَجَّهُ؟ فَطَلَعَ لَهُ
رَجُلٌ خَبِيرٌ بِالطَّرِيقِ عَالِمٌ
بِهَا، فَسَأَلَهُ أَنْ يَدُلَّهُ
عَلَى الطَّرِيقِ، فَهَكَذَا شَأْنُ
طَرِيقِ الْآخِرَةِ، تَمْثِيلًا لَهَا
بِالطَّرِيقِ الْمَحْسُوسَةِ
لِلْمُسَافِرِ.
وَحَاجَةُ الْمُسَافِرِ إِلَى اللهِ
(سُبْحَانَهُ) إِلَى أَنْ يَهْدِيَهُ
تِلْكَ الطَّرِيقَ أَعْظَمُ مِنْ
حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إِلَى بَلَدٍ
إِلَى مَنْ يَدُلُّهُ إِلَى
الطَّرِيقِ الْمُوصِلِ إِلَيْهَا،
وَكَذَلِكَ السَّدَادُ، وَهُوَ
إِصَابَةُ الْقَصْدِ قَوْلًا
وَعَمَلًا، فَمَثَلُهُ مَثَلُ رَامِي
السَّهْمِ، إِذَا وَقَعَ سَهْمُهُ
وَأَصَابَ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ
بَاطِنًا، فَهَكَذَا الْمُصِيبُ
لِلْحَقِّ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ
بِمَنْزِلَةِ الْمُصِيبِ فِي
رَمْيِهِ.
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي
((صَحِيحِهِ))
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:
((اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى
وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى)).
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ
عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ:
بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ
إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ.
قَالَتْ: كَانَ إِذَا
قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، افْتَتَحَ
صَلَاتَهُ: ((اللَّهُمَّ
رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ
وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ
وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ
بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا
اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ
بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ
تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)).
ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي
هَذَا الدُّعَاءِ الْعَظِيمِ
الْقَدْرِ مِنْ أَوْصَافِ اللهِ
وَرُبُوبِيَّتِهِ مَا يُنَاسِبُ
الْمَطْلُوبَ، فَإِنَّ فَطْرَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ تَوَسُّلٌ
إِلَى اللهِ بِهَذَا الْوَصْفِ فِي
الْهِدَايَةِ لِلْفِطْرَةِ الَّتِي
ابْتَدَأَ الْخَلْقَ عَلَيْهَا،
فَذَكَرَ كَوْنَهُ فَاطِرَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَالْمَطْلُوبُ تَعْلِيمُ الْحَقِّ،
وَالتَّوْفِيقُ لَهُ، فَذَكَرَ
عِلْمَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَنَّ
مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
جَدِيرٌ بِأَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ عَلَى
لِسَانِ عَبْدِهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ
وَيُرْشِدَهُ وَيَهْدِيَهُ، وَهُوَ
بِمَنْزِلَةِ التَّوَسُّلِ إِلَى
الْغَنِيِّ بِغِنَاهُ وَسَعَةِ
كَرَمِهِ أَنْ يُعْطِيَ عَبْدَهُ
شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، وَالتَّوَسُّلِ
إِلَى الْغَفُورِ بِسَعَةِ
مَغْفِرَتِهِ أَنْ يَغْفِرَ
لِعَبْدِهِ، وَبِعَفْوِهِ أَنْ
يَعْفُوَ عَنْهُ، وَبِرَحْمَتِهِ أَنْ
يَرْحَمَهُ إِلَى نَظَائِرِ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ رُبُوبِيَّتَهُ تَعَالَى
لِجَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ
وَإِسْرَافِيلَ، وَهَذَا -وَاللهُ
أَعْلَمُ- لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُدًى
يَحْيَا بِهِ الْقَلْبُ، وَهَؤُلَاءِ
الثَّلَاثَةُ الْأَمْلَاكُ قَدْ
جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
عَلَى أَيْدِيهِمْ أَسْبَابَ حَيَاةِ
الْعِبَادِ:
أَمَّا جِبْرِيلُ:
فَهُوَ صَاحِبُ الْوَحْيِ الَّذِي
يُوحِيهِ اللهُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ،
وَهُوَ سَبَبٌ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلِلْآخِرَةِ.
وَأَمَّا مِيكَائِيلُ:
فَهُوَ الْمُوَكَّلُ بِالْقَطْرِ،
الَّذِي بِهِ سَبَبُ حَيَاةِ كُلِّ
شَيْءٍ.
وَأَمَّا إِسْرَافِيلُ:
فَهُوَ الَّذِي يَنْفُخُ فِي
الصُّورِ، فَيُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى
بِنَفْخَتِهِ، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ
لِرَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَاللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ
الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا،
أَنْ تَهْدِيَنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ.
اللَّهُمَّ
اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ،
وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ.
اللَّهُمَّ
أَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَتَوَفَّنَا
مُؤْمِنِينَ، وَأَلْحِقْنَا
بِالصَّالِحِينَ.
اللَّهُمَّ
احْفَظْنَا وَإِخْوَانَنَا مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مِنْهَاجِ
النُّبُوَّةِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ
وَمَغَارِبِهَا مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ
وَسُوءٍ.
اللَّهُمَّ
احْفَظْنَا وَإِيَّاهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِينَا، وَمِنْ خَلْفِنَا، وَعَنْ
أَيْمَانِنَا، وَعَنْ شَمَائِلِنَا،
وَمِنْ فَوْقِنَا، وَنَعُوذُ
بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ
تَحْتِنَا.
اللَّهُمَّ
إِنْ أَرَدْتَ بِالنَّاسِ فِتْنَةً،
فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ
فَاتِنِينَ وَلَا مَفْتُونِينَ، وَلَا
خَزَايَا وَلَا مَحْزُونِينَ، وَلَا
مُغَيِّرِينَ وَلَا مُبَدِّلِينَ.
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ وِقَايَةً
كَوِقَايَةِ الْوَلِيدِ.
نَعُوذُ بِكَ
مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ،
وَخَيْبَةِ الرَّجَاءِ، وَعُضَالِ
الدَّاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ.
نَعُوذُ بِكَ
مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَفُجَاءَةِ
نِقْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ،
وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ
قُوَّتِنَا، وَقِلَّةَ حِيلَتِنَا،
وَهَوَانَنَا عَلَى النَّاسِ، إِنْ
لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيْنَا
فَلَا نُبَالِي، وَلَكِنَّ
عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لَنَا.
نَعُوذُ بِنُورِ
وَجْهِكَ
الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ
الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ
أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنْ
يَنْزِلَ بِنَا غَضَبُكَ، أَوْ
يَحِلَّ عَلَيْنَا عِقَابُكَ.
لَكَ
الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا
حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى
نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.