للاستماع للمحاضرة :
اضغط
هنا
لتحميل نسخة للطباعة :
اضغط
هنا
هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، والصَّلَاةُ
والسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ
بَعْدَهُ.
أمَّا بَعْدُ:
فَهَذَا بَيَانٌ للنَّاسِ بِشَأْنِ
مَقْطَعٍ لَفَّقَهُ أَحَدُ الكَذَبَةِ
المُفْتَرِينَ، وَتَوَفَّرَ عَلَى
بَثِّهِ وَنَشْرِهِ الحَقَدَةُ
الزَّائِغُونَ مِنَ الإِخْوَانِ
وَالْقُطْبِيِّينَ وغَيْرِهِمْ مِنَ
التَّكْفِيرِيِّينَ وَالْحَاقِدِينَ
البَاغِينَ، وبَذَلُوا جُهْدَهُمْ
-بِلَا تَقْصِيرٍ- فِي تَرْوِيجِهِ
عَبْرَ قَنَوَاتِ الفِتْنَةِ
وَالضَّلَالِ، كَالْجَزِيرَةِ
وَقَنَوَاتِ الْإِخْوَانِ الَّتِي
تُبَثُّ مِنْ تُرْكِيَا وَغَيْرِهَا،
وَشَارَكَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ
صَفْحَاتِ الكَذِبِ والِافْتِرَاءِ،
وَبَعْضُ الْإِعْلَامِيِّينَ مِمَّنْ
لَا عِنَايَةَ لَهُمْ بِالتَّثَبُّتِ
وَالْإِنْصَافِ، وَمِنْ أَصْحَابِ
التَّوَجُّهِ وَالْغَرَضِ، الَّذِينَ
يَنْصَرِفُ كُلُّ هَمِّهِمْ إِلَى
إِثَارَةِ الْمَشَاعِرِ، وَتَهْيِيجِ
الْأَحْقَادِ، وَبَثِّ الشَّائِعَاتِ،
وَأَمَّا مَصْلَحَةُ هَذَا الْوَطَنِ
وَالْحِفَاظُ عَلَى أَمْنِهِ
الدَّاخِلِيِّ، وَسِلْمِهِ
الْمُجْتَمَعِيِّ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ
عَلَى بَالٍ.
وَالْمَقْطَعُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ؛
مَقْطَعٌ مُلَفَّقٌ مَسْلُوخٌ مِنْ
سِيَاقِهِ، قَامَ تَكْفِيرِيٌّ
هَالِكٌ مُبْغِضٌ حَاقِدٌ بِسَلْخِهِ
مِنْ خُطْبَةٍ كَانَتْ سَنَةَ 2010،
ولَفَّقَ بَيْنَ الْكَلَامِ فِيهِ،
وَحَذَفَ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ
قَصْدِهِ لَوْ أَبْقَاهُ، وَوَضَعَ
لَهُ عُنْوَانًا لَا عَلَاقَةَ لَهُ
بِمَا فِي الْمَقْطَعِ مِنَ
الْكَلَامِ مِنْ قَرِيبٍ وَلَا
بَعِيدٍ.
* وَللتَّوْضِيحِ:
أَوَّلًا:
أَكْبَرُ مَا يُحَارِبُنِي بِهِ
الْإِخْوَانُ وَالْقُطْبِيُّونَ
وَالْمُتَآمِرُونَ فِي الدَّاخِلِ
وَالْخَارِجِ، مَبْنِيٌّ عَلَى
كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ:
((التَّشْوِيهُ)).
فَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِلُّونَ الْكَذِبَ
عَلَيَّ؛ بِقَصْدِ التَّنْفِيرِ
مِنِّي وَمِنْ كَلَامِي،
وَيُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُمْ
يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَقَرُّبًا إِلَى
اللهِ بِزَعْمِهِمْ.
وَمِثَالُ ذَلِكَ:
تَكْفِيرِيٌّ هَالِكٌ، جَلَسَ
مَجْلِسًا -مِنْ سَنَوَاتٍ-
بِمَسْجِدٍ فِي إِحْدَى نَوَاحِي
الْقَنَاطِرِ الْخَيْرِيَّةِ، ورَاحَ
يُقَوِّلُنِي مَا هُوَ مُسْتَقِرٌّ
فِي أَذْهَانِ سَامِعِيهِ أَنِّي
أَقُولُ وَأُقَرِّرُ ضِدَّهُ،
فَلَمَّا فرَغَ مِنْ كَذِبِهِ
وَانْفَضَّ الْمَجْلِسُ مِنْ حَوْلِهِ
اسْتَنْكَرَ بَعْضُ إِخْوَانِهِ
نِسْبَةَ مَا قَالَهُ إِلَيَّ.
فَكَانَ رَدُّهُ؛ إِنَّهُ يَعْلَمُ
ذَلِكَ، وَأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنَ
الْكَذِبِ مَعْصِيَةٌ، ولَكِنَّهُ
يَتُوبُ مِنْهَا، وَيَبْقَى مَا
قَصَدَهُ مِنَ التَّشْوِيهِ
وَالتَّنْفِيرِ.
فَهَذَا الصَّنِيعُ فِي قَوَاعِدِ
دِينِهِ أَهَمُّ وَأَعْظَمُ مِنْ
كَبِيرَةِ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ
عَلَى مُسْلِمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِثَالٌ آخَرُ:
مَا يَفْعَلُهُ أَحَدُ الْمُسُوخِ
المَأْجُورِينَ مِنْ بَتْرٍ
للكَلَامِ، وَتَرْوِيجٍ لِلْكَذِبِ
وَالْبُهْتَانِ، فَلَمَّا عُرِضَ
عَلَيْهِ الْأَصْلُ الَّذِي حَرَّفَهُ
وَبَتَرَهُ، وَتَبَيَّنَتْ
لِلْعَالَمِينَ خِسَّتُهُ
وَخِيَانَتُهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ
يَفْعَلُ ذَلِكَ بِقَصْدِ
التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ، وَأَنَّهُ
يَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ زُلْفَى
بِالْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَيَّ.
ثَانِيًا:
هَؤُلَاءِ الذِينَ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ إِقَامَةَ
الْخِلَافَةِ، وَالْحُكْمَ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ، يَسْلُكُونَ إِلَى
غَايَتِهِمُ الْمَزْعُومَةِ مَسَالِكَ
الْيَهُودِ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى
الْفُجُورِ فِي الْخُصُومَةِ،
وَالْبُهْتَانِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى
عِبَادِ اللهِ، وَيَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.
فَأَنَّى يُنْصَرُونَ، وَأَيُّ
جِهَادٍ يُجَاهِدُونَ، وَهُمْ
يُجَاهِدُونَ بِمَا يُغْضِبُ اللهَ،
وَيَسْتَنْزِلُ سَخَطَهُ،
وَيَسْتَجْلِبُ مَقْتَهُ، وَاللهُ
تَعَالَى لَا يُصْلِحُ عَمَلَ
الْمُفْسِدِينَ.
ثَالِثًا:
إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرُونَ
البَهَّاتُونَ لَا يَعْلَمُونَ،
فَلْيَعْلَمُوا أنَّ اللهَ تَعَالَى
يَقُولُ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ
احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا
مُّبِينًا} [الأحزاب: 58].
وَيَقُولُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
الْمَنَامِ الطَّوِيلِ الَّذِي
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ:
((فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ
مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ
قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ
حَدِيدٍ -وَالْكَلُّوبُ:
الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُنْشَلُ بِهَا
اللَّحْمُ أَوْ يُعَلَّقُ بِهَا-
وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ
وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ -أَيْ:
يُقَطِّعُ- شِدْقَهُ إِلَى
قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ،
وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ
يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ
الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا
فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ،
فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ
الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ
الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ
يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ
مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى.
وَفِي تَأْوِيلِهَا
قَالَ: أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي
أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ
شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ
إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى
قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو
مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ
الْكَذِبَةَ، تَبْلُغُ الْآفَاقَ،
فيُصْنَعُ بِهِ مَا رَأَيْتَ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ)).
فهَذَا عِقَابُ كُلِّ كَذَّابٍ
بَهَّاتٍ، يُرَوِّجُ الْأَكَاذِيبَ،
وَيَنْشُرُ الشَّائِعَاتِ، ويُقَوِّلُ
النَّاسَ مَا لَمْ يَقُولُوهُ، بَلْ
مَا لَمْ يَخْطُرْ لَهُمْ عَلَى
بَالٍ.
فَهَذَا عِقَابُ كُلِّ مَنِ
اخْتَلَقَ، وَكُلِّ مَنْ رَوَّجَ
وَأَذَاعَ وَنَشَرَ، عِقَابُهُ فِي
الْبَرْزَخِ بَعْدَ مَوْتِهِ، إِلَى
أَنْ يُبْعَثَ لِيُحَاسَبَ بَعْدُ
عَلَى الِافْتِرَاءِ وَالْبُهْتَانِ.
أَلَا فَلْيُبْشِرِ الْكَذَّابُونَ
الْبَهَّاتُونَ، وَالنَّاشِرُونَ
الْمُرَوِّجُونَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَنْ
خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ
يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ
اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ، وَمَنْ
قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ،
أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ
الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا
قَالَ، وَلَيْسَ بِخَارِجٍ)).
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو
دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ،
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَ((رَدْغَةُ الْخَبَالِ))
: هِيَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ.
وَالرَّدْغَةُ: الطِّينُ وَالْوَحْلُ
الْكَثِيرُ.
وَالنَّارُ كُلُّهَا ظُلْمَةٌ،
وَعَذَابٌ وَنَتْنٌ، وَعُصَارَتُهَا
أَخْبَثُ وَأَظْلَمُ وَأَنْتَنُ.
وَأَقُولُ لِكُلِّ
مُغْتَابٍ، وَكُلِّ بَهَّاتٍ
وَفَاجِرٍ فِي خُصُومَتِهِ، مَا
قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
رَحِمَهُ اللهُ:
((وَاللهِ
لَا أُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ،
فَاللهُ حَرَّمَ غِيْبَتِي، وَحَرَّمَ
الْكَذِبَ عَلَيَّ وَالْبُهْتَانَ،
فَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ ذَلِكَ،
فَمَنِ اغْتَابَنِي أَوْ بَهَتَنِي
أَوْ كَذَبَ عَلَيَّ فَأَنَا
أُقَاصُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
وَاللهُ الْمَوْعِدُ!!
رَابِعًا:
الْمَقْطَعُ الْمُلَفَّقُ
الْمُفْتَرَى: مَسْلُوخٌ مِنْ
خُطْبَةٍ فِي سَنَةِ 2010، أَيْ؛
قَبْلَ أَحْدَاثِ الرَّبِيعِ
الْمَاسُونِيِّ بِحَوَالَيْ عَامٍ،
فَقَدْ أُلْقِيَتْ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ: الثَّانِي
وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ
سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ
وَأَرْبَعِمِئَةٍ وَأَلْفٍ،
الْمُوَافِقِ للثَّامِنِ مِنْ
يَنَايِر سَنَةَ عَشْرٍ وَأَلْفَيْنِ،
وَاسْمُهَا: جِنَايَةُ الْإِخْوَانِ
عَلَى غَزَّةَ.
وَسَبَبُ الْكَلَامِ
عَنِ الْإِخْوَانِ وَعَنْ حَمَاسٍ فِي
تِلْكَ الْخُطْبَةِ؛
أَنَّهُمْ بِاسْمِ مُقَاوَمَةِ
الْيَهُودِ صَنَعُوا شَيْئًا لَا
يَتَنَاسَبُ مَعَ رَدِّ فِعْلِ
الْيَهُودِ الَّذِي يَعْلَمُونَهُ
سَلَفًا، وَأَخَذُوا هُمْ حِذْرَهُمْ،
وَتَوَارَوْا فِي مَخَابِئِهِمْ،
بِزَادِهِمْ وَأَدْوِيَتِهِمْ،
وَتَرَكُوا الغَزِّيِّينَ فِي
العَرَاءِ، بِلَا مَأْوَى مِنَ
الْقَصْفِ، وَلَا طَعَامٍ وَلَا
دَوَاءٍ.
وَوَقَعَ الْعُدْوَانُ عَلَى أَهْلِ
غَزَّةَ، فَدُمِّرَتْ بُيُوتُهُمْ،
وَخُرِّبَتْ مَسَاكِنُهُمْ، وَقُتِلَ
وَجُرِحَ وَشُوِّهَ وَرُوِّعَ
مِنْهُمُ الْأُلُوفُ.
وسَارَتِ السَّعَايَاتُ
الدَّوْلِيَّةُ فِي بُطْءِ
السُّلَحْفَاةِ لِوَقْفِ
الِاعْتِدَاءِ الْيَهُودِيِّ عَلَى
أَهْلِ غَزَّةَ، حَتَّى إِذَا صَنَعَ
الْيَهُودُ مَا أَرَادُوهُ،
وتَوَقَّفَ الْقَصْفُ، خَرَجَ
أَبْطَالُ الْمُقَاوَمَةِ مِنْ
مَخَابِئِهِمْ لِيُصَرِّحَ
كَبِيرُهُمْ بِقَوْلِهِ:
((الْحَمْدُ
للهِ لَمْ يُصَبْ مِنَّا إِلَّا
وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ))!!
فَاسْتَنْكَرْتُ
قَوْلَهُ، وَقُلْتُ:
وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا
وَالَّذِينَ جُرِحُوا، وَالَّذِينَ
شُوِّهُوا، وَالَّذِينَ رُوِّعُوا،
وَهُمْ أُلُوفٌ أَلْيَسُوا مِنْكُمْ؟!
إِلَى آخِرِ مَا قُلْتُ، وَوَصَفْتُ
صَنِيعَهُمْ هَذَا مَعَ رَدِّ
الْفِعْلِ الَّذِي يَعْلَمُونَهُ فِي
تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِذَاتِهَا -لَا
بِإِطْلَاقٍ- بِأَنَّهُ لَعِبُ
أَطْفَالٍ!!
فَجَاءَ الْبَهَّاتُ الْكَذَّابُ
لِيُطْلِقَ مَا قَيَّدْتُ،
وَلِيُعَمِّمَ مَا خَصَّصْتُ،
وَلِيَجْعَلَ مَقُولًا الْيَوْمَ مَا
قِيلَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ،
وَلِيَفْتَرِيَ الْكَذِبَ، وَاللهُ
حَسِيبُهُ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي تِلْكَ
الْخُطْبَةِ سَنَةَ 2010 مَا صَنَعَ
الْحَمَاسِيُّونَ الْإِخْوَانُ سَنَةَ
2008، عَلَى حُدُودِ رَفَحٍ
الْمِصْرِيَّةِ.
وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكُومَةَ
الْمِصْرِيَّةَ وَقْتَهَا كَانَتْ
قَدْ أَغْلَقَتْ مَعْبَرَ رَفَحٍ
لِأَسْبَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالْأَمْنِ
الْقَوْمِيِّ الْمِصْرِيِّ، الَّذِي
يُرِيدُ العَابِثُونَ الْعَبَثَ بِهِ،
فَجَمَعَتْ حَمَاسٌ مَنْ جَمَعَتْ
أَمَامَ الْحَوَاجِزِ فِي الْمَعْبَرِ
مِنْ جِهَةِ غَزَّةَ، ثُمَّ قَامَتِ
الْجُمُوعُ بِاجْتِيَاحِ الْحَوَاجِزِ
بِالْقُوَّةِ، فَصَارُوا عَلَى
الْأَرْضِ الْمِصْرِيَّةِ.
وكَانَ الْهَدَفُ مِنْ ذَلِكَ -عَلَى
طَرِيقَةِ الْإِخْوَانِ- وَضْعَ
السُّلُطَاتِ الْمِصْرِيَّةِ أَمَامَ
خِيَارَيْنِ أَحْلَاهُمَا مُرٌّ،
وَكُلٌّ مِنَ الْخِيَارَيْنِ
يُرِيدُهُ الْإِخْوَانُ
الْمُفْلِسُونَ.
الْخِيَارُ
الْأَوَّلُ:
أَنْ تَقُومَ السُّلُطَاتُ
الْمِصْرِيَّةُ بِالتَّعَامُلِ
بِالْقُوَّةِ مَعَ الْإِخْوَةِ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَقَدْ
تَصَدَّرَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ
وَقْتَهَا أَصْحَابُ أَمْرَاضٍ
وَنِسَاءٌ وَأَطْفَالٌ وَعَجَزَةٌ،
فَإِذَا تَعَامَلَتْ مِصْرُ مَعَهُمْ
بِالْقُوَّةِ فَسَوْفَ يَمْلَأُ
الْإِخْوَانُ الدُّنْيَا صُرَاخًا
وَتَشْنِيعًا عَلَى الْمِصْرِيِّينَ
الَّذِينَ صَارُوا أَشَدَّ مِنَ
اليَهُودِ قَسْوَةً وَأَعْنَفَ
عُنْفًا، وَلَا يُرَاعُونَ فِي
إِخْوَانِهِمْ دِينًا وَلَا جِوَارًا
ولَا عُرُوبَةً، وَهِيَ طَرِيقَةٌ
لِلْإِخْوَانِ مَعْرُوفَةٌ.
وَالْخِيَارُ
الثَّانِي:
أَنْ تَتْرُكَ السُّلُطَاتُ
الْمِصْرِيَّةُ الْمُجْتَاحِينَ
لِحُدُودِهَا، وَلَا تَتَعَرَّضَ
لَهُمْ، وَهُوَ مَا حدَثَ، فَمَلَأَ
الْإِخْوَانُ الدُّنْيَا تَشْنِيعًا،
وَقَالُوا: دَوْلَةٌ بِلَا سِيَادَةٍ،
لَا تَحْمِي حُدُودَهَا، وَلَا
تُحَافِظُ عَلَى أَرْضِهَا.
فَقُلْتُ:
مِصْرُ دَوْلَةٌ قَوِيَّةٌ
مُنَظَّمَةٌ، تَقُومُ عَلَى قَوَاعِدَ
رَاسِخَةٍ، وَأُصُولٍ سَامِقَةٍ..
إِلَى آخِرِ مَا قُلْتُ فِي وَصْفِ
مِصْرَ، فَأَوْهَمَ الْبَهَّاتُ
الْكَذَّابُ أَنَّهُ فِي وَصْفِ
الْيَهُودِ، وَاللهُ الْمَوْعِدُ!!
الْكَلَامُ عَنْ مِصْرَ -حَفِظَهَا
اللهُ-، وَالْمُنَاسَبَةُ طَرِيقَةُ
الْإِخْوَانِ فِي الْمُقَاوَمَةِ
وَالْمُوَاجَهَةِ.
جَاءَ الْبَهَّاتُ الْكَذَّابُ
لِيَجْعَلَ الْكَلَامَ عَنْ مِصْرَ
كَلَامًا عَنِ الْيَهُودِ،
وَيَفْتَرِيَ أَنِّي قُلْتُ: إِنَّهَا
دَوْلَةٌ قَوِيَّةٌ مُنَظَّمَةٌ..
مَعَ أَنِّي لَمْ أَقُلْ قَطُّ: إِنَّ
إِسْرَائِيلَ دَوْلَةٌ، وَلَنْ
أَقُولَهَا -إِنْ شَاءَ اللهُ جَلَّ
وَعَلَا- حتَّى أَمُوتَ، وَإِنْ
وُجِدَ فِي كَلَامٍ لِي، فَهِيَ
حِكَايَةٌ وَقِرَاءَةٌ لِكَلَامِ
غَيْرِي.
وَأَمَّا أَنَا
فَأَقُولُ:
الدَّوْلَةُ اللَّقِيطَةُ، شُذَّاذُ
الآفَاقِ، وَأَنَا مَهْمَا اعْتَرَفَ
الْمُعْتَرِفُونَ بِهَا دَوْلَةً،
فَلا أَعْتَرِفُ أَنَّ لِلْيَهُودِ
دَوْلَةً، وَإِنَّمَا يَجْمَعُهُمُ
اللهُ مِنَ الشَّتَاتِ لِيُنْفِذَ
فِيهِمْ وَعِيدَهُ.
{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ
لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا
دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا
تَتْبِيرًا} [الإسراء: 7].
{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ}،
أَيِ: المَرَّةِ الِآخِرَةِ الَّتِي
تَفْسِدُونَ فِيهَا فِي الْأَرْضِ،
سَلَّطْنَا عَلَيْكُمُ الْأَعْدَاءَ،
{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}
بِانْتِصَارِهِمْ عَلَيْكُمْ
وَسَبْيِكُمْ، {وَلِيَدْخُلُوا
الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ
مَرَّةٍ} وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ:
مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ،
{وَلِيُتَبِّرُوا}، أَيْ:
لِيُخَرِّبُوا وَلِيُدَمِّرُوا، {مَا
عَلَوْا}، عَلَيْهِ، {تَتْبِيرًا}
فَيُخَرِّبُوا بُيُوتَكُمْ
وَمَعَابِدَكُمْ وَحُرُوثَكُمْ.
فَإِذَا عَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ
إِلَى الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ،
وَهُمُ الْمُفْسِدُونَ فِيهَا،
فَالجَزَاءُ حَاضِرٌ، وَالسُّنَّةُ
مَاضِيَةٌ؛ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا.
لَقَدْ ذَكَرَ الْبَهَّاتُ
الْكَذَّابُ مَا ذَكَرَ مِنْ
عُنْوَانٍ، ولَفَّقَ مَا لَفَّقَ مِنْ
بُهْتَانٍ، وَأَذَاعَ ذَلِكَ
وَبَثَّهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ
قَوْمٌ آخَرُونَ، وَاحْتَمَلُوا
إِفْكًا وَزَورًا.
لِأَنَّ جُمْهُورَ السَّمِّيعَةِ فِي
هَذِهِ الْأَيَّامِ -فِي الْجُمْلَةِ-
لَا يُعْمِلُ عَقْلًا، ولَا
يَتَحَرَّى إنْصَافًا وَلَا عَدْلًا،
وَأَكْثَرُهُمْ أَفَّاكُونَ
مُضِلُّونَ، وَمِنْهُمُ الْأَغْرَارُ
الْأَغْمَارُ الْمَخْدُوعُونَ.
كَلَامٌ قِيلَ سَنَةَ 2010 عَنْ
أَحْدَاثٍ وَقَعَتْ سَنَةَ 2010
وَأَحْدَاثٍ وَقَعَتْ سَنَةَ 2008،
وكَلَامٌ عَنْ دَوْلَةِ مِصْرَ لَا
عَنِ الْيَهُودِ.
يَأْتِي بَهَّاتٌ كَذَّابٌ الْآنَ
فَيَضَعُ عُنْوَانًا فَاجِرًا
أَثِيمًا، وَيْجَعَلُ تَحْتَهُ
كَلَامًا مَسْلُوخًا مِنْ
سِيَاقَاتِهِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ
نَسِيجٌ وَاحِدٌ، مُسْتَغِلًّا
أَمْرًا خَطِيرًا يَتَعَلَّقُ
بِالشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ،
وَهُوَ: أَنَّ النَّاسَ يَظُنُّونَ
أَنَّ مَا يَرَوْنَهُ وَيَسْمَعُونَهُ
قَدْ قِيلَ فِي وَقْتِ سَمَاعِهِمْ
وَحِينَ رُؤْيَتِهِمْ.
وَالْبَهَّاتُ الْكَذَّابُ لَا ذَكَرَ
تَارِيخًا وَلَا مُنَاسَبَةً
لِلْكَلَامِ، وَلَا مَكَانًا
لِقَوْلِهِ، بَلْ إِنَّهُ حَذَفَ
مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ
قَصْدِهِ مِنَ اللَّعَنَاتِ الَّتِي
استَنْزَلْتُهَا مِنْ لَدُنْ رَبِّي
عَلَى الْيَهُودِ؛ فَصَارَ مَنْ
يَسْمَعُ وَيَرَى يَعْتَقِدُ أَنَّ
هَذَا الْكَلَامَ قَدْ قِيلَ
لِيَوْمِهِ وَأُسْبُوعِهِ، وَهُوَ
-مَعَ الْكَذِبِ الَّذِي وَقَعَ
عَلَيْهِ- قَدْ مَرَّ عَلَيْهِ مَا
يَقْرُبُ مِنْ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ.
خَامِسًا:
لمَّا ذَكَرْتُ اجْتِيَاحَ
الْإِخْوَانِ وَالْحَمَاسِيِّينَ فِي
رَفَحٍ الْمِصْرِيَّةِ سَنَةَ 2008
لِلْحَوَاجِزِ، وَمَا وَقَع فِي
غَزَّةَ سَنَةَ 2010، قُلتُ: إِنَّ
الْمُقَاوَمَةَ الَّتِي تَسْتَجْلِبُ
عَلَى الْمَدَنِيِّينَ هذَا
الدَّمَارَ، وَتَسْتَنْزِلُ
عَلَيْهِمْ وَعَلَى بُيُوتِهِمْ
وَمُمْتَلَكَاتِهِمْ هَذَا الْبَوَارَ
إِنَّ الْمُقَاوَمَةَ بِهَذِهِ
الصُّورَةِ عَلَى طَرِيقَةِ
الْإِخْوَانِ فِي الْمَدِينَةِ
الْجَامِعِيَّةِ، وَذَكَرْتُ أَنَّ
مَا صَنَعُوهُ فِي رَفَحٍ سَنَةَ
2008، قُصِدَ بِهِ وَضْعُ
السُّلُطَاتِ الْمِصْرِيَّةِ أَمَامَ
خِيَارَيْنِ، عَلَى طَرِيقَةِ
الْأُسْتَاذِ الْجَنُوبِيِّ الَّذِي
زَارَ شَيْخُهُ مَدْرَسَتَهُ،
فَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلَامِذَتَهُ،
لِيَنْصَحَهُمْ، فَنَصَحَ
مُتَمَيِّزًا مِنَ التَّلَامِيذِ
بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَادَّةِ
الرِّيَاضِيَّاتِ، قَالَ التَّلْمِيذُ
غَيْرَ مُقْتَنِعٍ: وَكَانَتْ
مَادَّةُ الرِّيَاضِيَّاتِ مَادَّةَ
تَمَيُّزِي، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ
كَانَ ذَكِيًّا، فَأَنا إِذَا
تَفَوَّقْتُ فِيهَا، قَالُوا: أَخَذَ
بِنَصِيحَةِ الشَّيْخِ، وَإِذَا
تَخَلَّفْتُ فِيهَا، قَالُوا: لَمْ
يَأْخُذْ بِنَصِيحَةِ الشَّيْخِ،
فَالشَّيْخُ رَابِحٌ فِي
الْحَالَيْنِ، فَكَذَلِكَ صَنَعَتْ
حَمَاسٌ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ فِي
رَفَح: إِنِ اسْتَخْدَمَتْ مِصْرُ
الْقُوَّةَ مَعَ الفِلِسْطِينِيِّينَ
أَمْكَنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ
تَرَكَتْهُمْ أَمْكَنَتْ مِنْ
نَفْسِهَا، فَالْإِخْوَانُ رَابِحُونَ
عَلَى كُلِّ حَالٍ.
سَادِسًا:
بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ، وقَدِ
اتَّضَحَ كَذِبُ الْإِخْوَانِ
وَالْقُطْبِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ،
أَقُولُ لِكُلِّ مَنْ يُحَارِبُنِي:
إِنْ كُنْتَ صَاحِبَ قَضِيَّةٍ
حَقًّا، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ
صَاحِبَ دِينٍ فَحَارِبْنِي بِشَرَفٍ.
لَا أَقُولُ لَكَ:
لَا تُحَارِبْنِي، لِأَنَّ بَاطِلَكَ
لَابُدَّ أَنْ يَسُوقَكَ لِحَرْبِ
الْحَقِّ، وَلِأَنَّ كَذِبَكَ
لَابُدَّ أَنْ يَؤُزَّكَ
لِمُوَاجَهَةِ الصِّدْقِ، وَلِأَنَّ
عَدَاءَكَ لِبَلِدِكَ وَحِقْدَكَ
عَلَيْهِ لَابُدَّ أَنْ يَدْفَعَكَ
إِلَى حَرْبِ مَنْ يُحِبُّ بلَدَهُ،
وَيُحَافِظُ عَلَيْهِ، وَيَتَّقِي
اللهَ فِيهِ.
لَا أَقُولُ لِكُلِّ
حَاقِدٍ وَمُحَارِبٍ، وَلِكُلِّ
حَاسِدٍ وَمُعَانِدٍ، لَا أَقُولُ
لَهُمْ:
لَا تُحَارِبُونِي، وَلَكِنْ إِنْ
كُنْتُمْ أَصْحَابَ مَبْدَأٍ،
وَأَهْلَ عَقِيدَةٍ، فَأَظْهِرُوا
أَثَرَ مَبْدَئِكُمْ، وَثَمَرَةَ
عَقِيدَتِكُمْ، فِيمَا تَقُولُونَ
وَمَا تَفْعَلُونَ؛
وَلَكِنْ وَاأسَفَاهُ!! الظَّاهِرُ
مِنْ آثَارِكُمْ وَثِمَارِكُمْ
أَنَّكُمْ خَوَنَةٌ مَأْجُورُونَ،
وَلَا قِيمَةَ لِكُلِّ خَائِنٍ
مَأْجُورٍ وَإِنْ تَبِعَهُ
وَصَدَّقَهُ قُطْعَانٌ مِنَ الْبَشَرِ
لَا عَقْلَ لَهُمْ وَلَا فَهْمَ وَلَا
تَمْيِيزَ.
أَقُولُ لَكُمْ:
حَارِبُوا بِشَرَفٍ، لَا تُحَارِبُوا
بِفُجُورٍ وَبُهْتَانٍ وَكَذِبٍ،
وَلَكِنْ؛ أَنَّى لَكُمْ،
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْمُنَافِقِ:
((إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا
خَاصَمَ فَجَرَ)).
وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ
التُّكْلَانُ، وَهُوَ حَسْبُنَا
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَأُفَوِّضُ
أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ
بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.
وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى
نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ: 18 مِنْ
رَبِيعٍ الْأَوَّلِ 1440هـ
الْمُوَافِق 26 مِنْ نُوفَمْبِر 2018م
وَاللهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ
وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.