إلى الخُلْقِ أَنظُرُ فيما أَقولُ .. وَتَأخُذُ نَفسِيَ أَشجانُها
إنَّ هؤلاء المنحرفين أقحموا أنفسهم على ميادين ليسوا أهلًا لأن يَجولوا فيها، إستجابةً لدعواتٍ ضالة، تبثُّ سمومَها باسم الإسلام، وتخدع الأغرارَ والحمقى باسم الإصلاح.
إنَّ هؤلاء المنحرفين قد غُرِّرَ بهم ومُلِئوا بالحقدِ على مُجتمعهم, وكان أولى بهم أن يَصرِفوا جهودهم في إتقانِ أعمالِهم, أو في تحصيلِ دروسِهم وعلومِهم، كان أولى بهم أن يعرفوا أنهم ليسوا قضاةً يحكمون على الناس دون أن تتوفر لهم مقدمات الحكم الصحيح وأدلتُه، كان أولى بهم أن يعرفوا دينَهم ويدرسوا قواعدَه ويفهموا حقائقَه ويتعلموا أصولَه.
لقد حاول خصومُ الإسلام في مختلف العصور أن يصوروه دينًا يقوم على القوة والإكراه والعنف, وكان أهلُ العلم والبصيرة يدفعون هذه التهمة الباطلة عنه بكل ما أوتوا من قوة، مُبيِّنين أنه دينُ العقيدة النابعة من القلب, التي لا يمكن الإكراه عليها, ودين الإصلاح العملى الَّذي من شأنه أن يحقق العدل وينشر الرحمة.
وإذا كان هذا شأن الإسلام مع مخالفيه فهل يكونُ مع أبنائهِ دينَ الإغتيالات والمؤامرات والتفجيرات والإفسادِ في الأرض. لقد بَكَّرت هذه البليِّةِ الكبرى، بليِّةِ التآمرِ والإغتيال على المسلمين منذ أولِّ عهدِهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحابيِّه الأُول رضي الله عنهم, فكانت النتيجة سببًا في ضعفِ أهله وفي تقطيعِ الأواصر بين أفرادِ مجتمعهِ القوى المتماسك, وفي شغْلهم عن تنفيذ مناهجهِ الراشدة وخُططه الواضحة.
لقد اغتالت يدُ الغدرِ والخِسَّة، عمرَ وعثمانَ وعليًا رضي الله عنهم, فهل كانوا يستحقون القتل والإغتيال؟
لقد وَصَفَ عمرَ رضي الله عنه مُعاصِرٌ له فقال " لقد كان عالمًا برعيته, عادلًا في قضيته, عاريًا عن الكِبْر, قَبولًا للعُذر, سهلَ الحجاب, مَصونَ الباب, متحريًا للصواب, رفيقًا بالضعيف, غير محابٍ للقريب, ولاجافٍ للغريب ".
وأمَّا عثمانُ رضي الله عنه " فقد كان جوادً مُمَدَّحًا, جهزَّ جيش العُسرةِ وحدَه, واشترى بئرَ رُومَةَ ووهبها للمسلمين وكان كريمًا حييًا تستحي منه الملائكة وهو ذو النورين, زَوَّجَهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنتيهِ, واحدةً بعد الأخرى رضي الله عنهم "
وأما عليٌ رضي الله عنه, فقد وَصَفهُ أحدُ معاصريه بين يدى معاويةَ رضي الله عنه فقال " كان والله بعيدَ المدى, شديدَ القوى, يقول فصلا ويحكمُ عدلا, يتفجرُ العلمُ من جوانبه, وتنطقُ الحكمةُ من نواحيه, يستوحشُ من الدنيا وزهرتِها, ويستأنسُ بالليلِ ووحشته, وكان والله غزيرَ العَبْرَة, طويلَ الفِكْرَة وكان فينا كأحَدِنا, يجيبُنا إذا سألناه, ويُنبِئُنا إذا استنبئناه, ونحن مع تقريبه إيانا وقُربِهِ منَّا, لا نكادُ نكلمه لهيبتهِ ولا نبتدئُه لعظمته. يُعَظِّمُ أهلَ الدين ويحب المساكين, لا يطمع القوى في باطله, ولا ييأسُ الضعيفُ من عدلهِ, وأشهدُ لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سِدونه وغارت نجومُه وقد مَثُلَ في محرابه, قابضًا على لحيته, يتمَلمُلَ تملمُلَ السليم, ويبكى بكاءَ الحزين ويقول يا دنيا إليكي عني, غُرِّي غيري, أَلِي تعرضتي, أم إِليَّ تشوقتي, هيهات هيهات, لقد باينتُكِ ثلاثًا لا رجعةَ فيها, فعُمْركِ قصير وقدركِ حقير, وخطبُكِ يسير, آهِ من قِلَةِ الزاد وبُعدِ السفرِ ووحشةِ الطريق" فَبَكى معاويةُ رضي الله عنه حتى أخضَلت دُموعهُ لحيتَه وقال "رحِمَ الله أبا الحسن فلقد كانَ كذلك فكيف حُزنُك عليه يا ضِرار؟ " وهو واصِفُ علىِّ بين يدى معاوية؛ قال ضِرارٌ: "حُزنى عليه حزنُ مَنْ ذُبح واحِدُها في حِجرِها".
ماذا فعل هؤلاء حتى يُفَكِرَ أيُّ مسلم بل أيُّ عاقل في الإساءةِ إليهم فضلًا عن اغتيالهم, إنه الداءُ القديم, إنها نَزْعَاتُ الجنونِ والطيش, يبُثُّها دُعاةُ الفساد وأعوانُ البغي، وفي هذا العصر لماذا يَقتلُ الخوارجُ الأبرياءَ ويُرَوِّعُونَ الأطفالَ والنساءَ؟ لماذا يَذبَحُونَ الشبابَ والشِيبَ؟ ويأتون من صنوفَ الغلظةِ والقسوةِ بالأعاجيب؟
بالأمس في الساعةِ العاشرةِ إلا الرُبع صباحًا, وقع إنفجارٌ بالعربةِ الثانيةِ بالقطار رقم ثمانية ومئة(108) بين محطتي حلمية الزَيتون وحدائقِ الزيتون, وكانت القنبلةُ قد وُضعت في المكان المخصصِ لوضعِ الحقائب أعلى مقاعد الركاب, وقد أدى الانفجارُ إلى تطاير أجزاءٍ من سقفِ عربة القطار, وقد وقعت إصاباتٌ جَرَّاء التدافع عَقيبَ الانفجار وقد قع قبل هذا الانفجار, انفجارٌ مماثلٌ في عربةٍ من عربات القطار بمدينةِ منوف, وقد خَلَّفَ قتلى ودماءًا وفزعًا ورعبًا. والآن أبهذا أمر الإسلامُ الحنيف؟؟ أم عن هذا يرضى الله الخبير اللطيف؟؟
الناسُ في مِصرَ الطيبة يُمسونَ ويُصبِحون على سماعِ أصواتِ القنابلِ المتفجرة, وانفجارِ السياراتِ المُفخَّخة والعبواتِ الناسفة. الناسُ في مِصرَ الطيبة يُمسونَ ويُصبِحونَ على رؤيةِ الأجسادِ المُمَزَقة, والأشلاءِ المُحَرَّقة والأبنيةِ المُهَدَمة والحرائق المُستَعِرة. والعجبُ كلُ العجبِ من قتلِ الأبرياءِ من الشيوخِ والأطفالِ والنساء،العجبُ من هوانِ شأنِ الدماءِ على مَن يَدَّعى الجهاد ونُصرَة الدين, وكأنَّ هؤلاء المجرمين لم يسمعوا قول الله عزَّ وجل بعد أن ذكر ما كان من قصةِ ابِني آدم, وقتلِ أحدِهِما أخاه, وسَنِّهِ القتلِ لمَن بعده, وبيَّن تعالى أن القتلَ عاقبتهُ وخيمة وهو خَسَارٌ في الدنيا والآخرة, قال جلَّ وعلا (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). وكأنَّ هؤلاء المجرمينَ القَتلة لم يَسمَعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوات وَالأَرْضِ اجتَمعوا على قتلِ مُسلمٍ ؛ لكَبَّهُمُ اللَّهُ جميعًا على وُجوهِهِم فِي النَّارِ). رواه الطبرانىُّ في الصغير من رواية أبي بكْرَة رضي الله عنه وهو صحيحٌ لغيره .
وفي روايةٍ للترمذي عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ ؛ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ) والحديث صحيحٌ لغيره.
وفي رواية للطبرانى (لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَابٍ).
قالَ الصنعانيُّ رحمهُ الله في ذِكرِ الملائكة, يعني في قول النبي صلى الله عليه وسلم (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ) قال "في ذِكرِ الملائكة مع عِصمتِهم, جوازُ فرضِ ما لا يكون وفيه تعظيمُ قتلِ المؤمن وظاهرُ الحديث ولو اشتركوا بالقول ولم يباشروا" لأنه يتعذر مباشرةُ الكل له من الملائكةِ والجنِ والإنسِ عادة، والمجرمون القتلةُ باسم الدين يَغْفلُون عن تنزيلِ المُتسببِ منزلةَ المباشرِ في المسئولية وفي العقاب، بل اعتقادُ النيةِ وانعِقادُها على القتل يجعل المقتولَ مع قاتله في النار .
ففى الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ) قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بالُ المقتول, قال إنه كان حريصًا على قتل صاحبه. فنَزَّلَ المقتولَ الحريص على قتل صاحبهِ منزلةَ القاتل, وجَمَعَهُما جميعًا في النارِ وبئسَ القرار.
أخرَجَ أبو داود وأحمدُ وابنُ ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال, قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ) وهو حديث صحيح.
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال, سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول(أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا , وَشَارِبَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا , وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَمُسْتَقِيَهَا) والحديثُ صحيحٌ مُخَرَّجٌ بطرقه وأسانيده في السلسلةِ الصحيحة.
وتأمل يا رعاك اللهُ كيف لَعَنَ هؤلاء جميعًا, مع أن الشاربَ المُعاقِرَ للخمرِ واحد, ومع ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا , وَشَارِبَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا , وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَمُسْتَقِيَهَا) ؛ الشاربُ المُعاقِرُ لها واحد, المُعاقِرُ لأُمِّ الخبائثَ واحد, ومع ذلك فكل هذه المنظومةِ المشاركة, ملعونةٌ بلعنةِ اللهِ رب العالمين, لا لشيء إلا لأنها مشاركةُ في الإثمِ على نحوٍ من الأنحاء. وتأمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديثِ الَّذي رواه مسلم عن جابرٍ رضي الله عنه (لَعَنَ اللَّهِ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ) مع أن الشاهِدَين والكاتبَ ربما كانوا محتسبين لا يتقاضون على الشهادةِ ولا الكتابةِ أجرًا, ومع ذلك لحِقَتهم اللعنة, لأنهم دخلوا في هذه الحلقةِ الملعونة بلعنةِ الله رب العالمين وبلعنةِ نَبِيِّهِ الأمين صلى الله عليه وسلم ،فلا تَعجَب إذًا من قولِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوات وَالأَرْضِ اجتَمعوا على قتلِ مُسلمٍ ؛ لكَبَّهُمُ اللَّهُ جميعًا على وُجوهِهِم فِي النَّارِ)؛ من المستحيل أن يباشروا القتل جميعًا, ومنهم مَعصُومون من الوقوعِ في مثل هذا كما مَرَّ في كلامِ الصنعاني رحمهُ الله, ولكن للدلالةِ على قدرِ هذا الأمرِ في دينِ الله جلَّ وعلا, يُخبُرنا نَبيُّنا صلى الله عليه وآله وسلم عن عظيمِ حُرمةِ الدمِ المسلمِ المعصوم (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوات وَالأَرْضِ اجتَمعوا على قتلِ مُسلمٍ). وأكثرُهُم إنما يشاركُ في هذا بالكلام أو بالرِضا مع الصمت ولكنها مشاركةٌ على نحو من الأنحاء (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوات وَالأَرْضِ اجتَمعوا على قتلِ مُسلمٍ ؛ لكَبَّهُمُ اللَّهُ جميعًا على وُجوهِهِم فِي النَّار).
فليعلم المجرمون القتلة, القتلةُ باسم الدين أنَّ كل منْ شاركَ فهو قاتِلٌ أثيم , الَّذي يُحرِّضُ على القتلِ قاتِل , والَّذي يُنظِّرُ للقتلِ قاتِل, والَّذي يُهوِّنُ من شأنِ الدماء المعصومةِ بتكفيرِ المسلمين قاتِل, والَّذي يُعَلِّمُ صُنْعَ المتفجرات قاتِل, والَّذي يُسهِّلُ دخولَها أو تسريبَها أو حَمْلَها أو صُنعَها أو استجلَابِ موادِها مسؤولٌ عن كلِ قطرةِ دمِ حرامٍ تُسفك, وعن كلِ روحٍ بريئةٍ تُزهق, ليس الَّذي يباشرَ القتلَ والاغتيالَ والتفجيرَ مسؤولًا وحده, عما قدَّمت يداه, بل هذه المنظومةُ المجرمة كُلها مسؤولةٌ عن القتل, وهي قاتلةٌ في دينِ الله جلَّ وعلا .
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أولُ ما يُقضى بين الناسِ يومَ القيامةِ في الدماء) أخرجه البخارى ومسلم .
وللنسائي (أولُ ما يُحاسبُ عليه العبدُ الصلاة, وأولُ ما يُقضى بين الناسِ في الدماء) وهو صحيح لغيره .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (اجتنبوا السبعَ الموبقات) قيل يا رسول الله ما هُن؟ قال (الشركُ بالله , والسحرُ , وقتلُ النفسِ التي حرَّم الله إلَّا بالحق , وأكلُ مالِ اليتيم , وأكلُ الربا , والتوليِّ يوم الزحف , وقذفُ المحصناتِ الغافلاتِ المؤمنات) رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لنْ يزالَ المؤمنُ في فسحةٍ من دينه ما لم يُصِبْ دمًا حرامًا) . قال ابنُ عمر(مِنْ ورْطَاتِ الأمور التي لا مَخرجَ لمَنْ أوقعَ نفسَهُ فيها, سفكُ الدمِ الحَرَامِ بغير حِلِّه) رواه البخاري , والورْطاتُ: جمعُ وَرْطَه وهي الهلكة وكل أمرٌ تَعْسُر النجاةُ منه .
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (لزوالُ الدنيا أهونُ على الله من قتلِ مؤمنٍ بغيرِ حق) رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن, ورواه البيهقى والأصبهانى وزادَ فيه (ولو أن أهلَ سماواته وأهلَ أرضه اشتركوا في دم مؤمنٍ لأدخلَهم اللهُ النار) . وفي رواية للبيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لزوالُ الدنيا جميعًا أهونُ عند الله من دمٍ يُسفكُ بغيرِ حق). وهو صحيحٌ لغيره .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (لزوالُ الدنيا أهونُ على اللهِ من قتلِ رجلٍ مسلم) رواه مسلم .
وروى النسائي والبيهقي أيضًا من حديث بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قتلُ المؤمن أعظمُ عند الله من زوالِ الدنيا) وهو حديث صحيح .
وروى ابن ماجه عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوفُ بالكعبةِ ويقول ما أطْيَبَكِ وما أطْيَبَ ريحك , ما أعظَمَكِ وما أعْظَمَ حُرمَتكِ, والَّذي نفسُ محمدٍ بيده لحُرمَةُ المؤمنِ عند اللهِ أعْظَمُ حرمةً مِنكِ, مالُهُ ودمُهُ وأن تظُنَّ بِه إلَّا خيرًا) اللفظُ لابن ماجه وهو حديث صحيح لغيره .
وتأمل في هذا الأمر الَّذي دلَّك عليه نبيك صلى الله عليه وآله وسلم, في هذا الأمر المُشَاهَد المحسوس بضربِ المثَلِ بالكعبةِ المشرفة, ومعلومٌ في قرارةِ كلِ مسلمٍ ومؤمن تعظيمُ قدرِها وجليلُ خطرِها وارتفاعُ شأنِها (ما أطْيَبَكِ وما أطْيَبَ ريحك , ما أعظَمَكِ وما أعْظَمَ حُرمَتكِ, والَّذي نفسُ محمدٍ بيده لحُرمَةُ المؤمنِ عند اللهِ أعْظَمُ حرمةً مِنكِ, مالُهُ ودمُهُ وأن تظُنَّ بِه إلَّا خيرًا), إذًا لو أنَّ إنسانًا أخذَ مِعولًا فرقيَ الكعبةَ فكان على ظهرها فشرعَ في هدمِها ونقضِها حجرًا حجرا, لكانَ إثمهُ أخفُّ عند الله من نقضِ بنيان المسلم كما هو في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (لو أنَّ أهلَ السماءِ وأهلَ الأرض اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهُم الله في النار) وهو حديثٌ حسنٌ كما مَرَّ , ورواه الطبراني في الصغير من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أنَّ أهلَ السمواتِ والأرض اجتمعوا على قتلِ مسلمٍ لكَبَّهُمُ الله جميعًا على وجوهِهم في النار) وهو صحيحٌ لغيرهِ كما مَرَّ أيضًا .
تأمَلْ في هذا وليَكُنْ مِنكَ دائمًا على ذُكْر, واجعله دائمًا بإزاءِ عينِ بصيرتِكَ لا تغْفُل عنه , وإياكَ أنْ يحْرِفكَ عنه المنحرِفون, أو يُزيغكَ عن سواءهِ الزائغون, فإنَّ الكلمةَ يُعاقبُ عليها المرءُ كالفاعلِ المباشرِ سَواءً بسَواء. إنَّ ابنَ عُكَيْم لمَّا قُتل عثمانُ رضي الله عنه جلسَ على باب المسجدِ, يَحْثو التراب على رأسهِ ويقول باكيًا قتلتُ عثمان , قتلتُ عثمان, فقيل له كيف تقولُ هذا ولم تشارك في شيء منه؟ قال : كنتُ أنتقدَه- يعني كان ينتقد سياسته- ففتحَ بذلك بابَ شرٍ مع مَنْ فتحه, فأدَّى الأمرُ إلى قتلِ عثمان شهيدًا رضي الله عنه , فنَزَّلَ كلمتَه منزلةَ من بَاشر, منزِلةَ مَنْ قتل الخليفة الراشد رضي الله تبارك وتعالى عنه, فأمسك لسانك إلَّا عن خير, واتقِ الله ربك واسأل الله العصمةَ في دينك ودنياك واللهُ يرعاك .
عن جُندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (مَنْ استطاع منكم أن لا يَحولَ بينه وبين الجنةِ ملءُ كفٍّ مِنْ دمِ امرئٍ مسلم أنْ يُهريقَه كما يذبحُ به دجاجة, كلما تعرضَ لبابٍ من أبوابِ الجنة حالَ اللهُ بينه وبينه, ومَنْ استطاع منكم أنْ لا يجعل في بطنِه إلَّا طيبًا فليفعل, فإنَّ أول ما يُنتِنُ من الإنسان بطنُه) رواه الطبراني ورواته ثقات والبيهقي مرفوعًا هكذا وموقوفًا والحديثُ صحيح لغيره ، وتأمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (أن يهريقه) يعني دم المسلم (كما يذبح به دجاجة) كما ترونه على الشاشاتِ ويراه العالم كلُه في ذبح المسلمينو لكى تَمضي على الأرض دماؤهم أنهارًا فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون, (كلما تعرضَ لبابٍ من أبواب الجنة حال الله بينه وبينه) .
عن معاويةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلُ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يغفره إلَّا الرجُلَ يموت كافرًا أو الرجُلَ يقتل مؤمنًا متعمدًا) رواه النسائي والحاكم وصححه وهو صحيح لغيره , (كلُ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يغفره إلَّا الرجُلَ يموت كافرًا أو الرجُلَ يقتل مؤمنًا متعمدًا) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كلُ ذنبٍ عسى الله أن يغفره إلا الرجُلَ يموت مشركًا أو يقتل مؤمنًا متعمدا) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وهو حديث صحيح .
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه سأله سائل فقال : يا أبا العباس هل للقاتِل من توبة ؟ فقال ابن عباسٍ : كالمُعجبِ من شأنه ماذا تقول؟! فأعاد عليه مسألته فقال : ماذا تقول؟! مرتين أو ثلاثا ثم قال ابن عباس : أَنَّى له التوبة سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول (يأتي المقتول متعلقًا رأسه بإحدى يديه مُتلببًا قاتله باليد الأخرى) فتأمل في هذا كيف يكون يوم يكون , رجلٌ بلا رأس يسيرُ على قدميه, تعلَّقَ رأسَهُ بإحدى يديه ولبَّب قاتلهُ بيده الأخرى (تشخبَ أوداجهُ دما, حتى يأتي به العرش فيقول المقتولُ لرب العالمين : هذا قتلني فيقول الله للقاتل : تعستَ ويُذْهَبُ به إلى النار) رواه الترمذي والطبراني في الأوسط وهو حديث صحيح .
وروى أيضا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يجيءُ المقتول آخذًا قاتله وأوداجُه تشخبُ دمًا عند ذي العزة فيقول: يا رب سلْ هذا فيمَا قتلني فيقول فيمَا قتلتَه قال : قتلتُه لتكون العزةُ لفلان , قيل: هيَ لله) .
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا أصبحَ إبليس بثَّ جنوده فيقول مَنْ أخذلَ اليومَ مسلمًا أُلبسه التاج , قال فيجيء هذا فيقول لَم أزلْ به حتى طلقَّ امرأته فيقول أوشك أن يتزوج , ويجيءُ هذا فيقول لم أزل به حتى عقَّ والديه فيقولُ يوشك أن يبرَّهما , ويجيء هذا فيقول لم أزل به حتى أَشرك فيقول أنت أنت , ويجيءُ هذا فيقول لم أزل به حتى قتل فيقول أنت أنت ويُلبسه التاج) رواه ابن حبان في صحيحه وهو حديث صحيح .
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مَنْ قتل مؤمنًا فاغتبط بقتلِه لم يُقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا) رواه أبو داود وهو حديث صحيح , والصرفُ النافله والعدْل الفريضة .
وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (يخرجُ عنقٌ من النار - والعنق الرقبة وهو مذكرٌ والحجاز تؤنثه فيقال هي العُنُقْ والنون مضمومةٌ للاتباع في لغة الحجاز وساكنةٍ في لغة تميم , يخرج عُنْقُ- ويخرج عُنٌقٌ للاتِّباعِ من النار يتكلم يقول وكِلِّتُ اليوم بثلاثة, بكل جبارٍ عنيد ومن جعل مع الله إلهًا آخر ومَنْ قتلَ نفسًا بغير حق, فينطوي عليهم فيقذفُهم في غمرَاتِ جهنم) رواه أحمد والطبراني بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ قتلَ مُعاهدًا لم يَرَحْ رائحةَ الجنة وإنَّ ريحها يوجدُ من مسيرة أربعين عاما) رواه البخاري وللنسائي (مَنْ قتل قتيلًا مِنْ أهلِ الذمة) .
وعن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (مَنْ قتل معاهدًا في غير كُنْهِه حرمَّ الله عليه الجنة) وللنسائي : (أنْ يشمَّ ريحها) وفي رواية له (مَنْ قتل رجلًا مِنْ أهل الذمة لم يجد رِيحَ الجنة, وإن ريحها لتوجدُ من مسيرة سبعينَ عاما) , فنسأل الله رب العالمين أنْ يحفظنا من هذا جميعه, وأن يُطهرنا من الإثم ظاهرًا وباطنًا إنه تعالى على كل شيء قدير .
أيها الأحبه : إنَّ مُعلَّمى الناسِ التكفير , تكفيرَ المسلمين هم أشد جرمًا وأعظم خطرًا, ممن يباشرون القتل ويعتدون على الأرواح , إنهم الخوارج القعدة , وهم أخطرُ خطرًا من الخوارج المباشرين للقتلِ والتخريب, وهذا مُنظَّرُهم الأكبر في هذا العصر , الَّذي زينَّ لهم الخروج وجعله إيمانًا, وزينَّ لهم الإفسادَ في الأرض وسمَّاه جهادًا, وأطلق على العمليات الإرهابية من قتلٍ وسفكِ دماءٍ وانتهاك حرماتٍ وتضييع ثرواتٍ وتخريب منشأتٍ , أطلق على ذلك كله وصفَ الأعمال الجهادية ونهى الإسلاميين عن إدانةِ تلك الأعمال إدانة مطلقة .
قال محمد صلاح الصاوي في كتابه "الثوابت والمتغيرات": "ولا يبْعُدُ القول بأنَّ مصلحةَ العمل الاسلامي, قد تقتضي أن يقوم فريقٌ من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية, ويُظهرُ النَكيرُ عليها آخرون, ولا يَبْعُد تحقيق ذلك عمليًا إذا بلغ العمل الاسلامي مرحلة من الرشد أمكنه معه أن يتفق على الترخص في شيء من ذلك, ترجيحًا لمصلحة استمرار رسالةِ الاسلاميين في هذه المجالس بغير تشويشٍ ولا إثارهة".
أيها المصريون : إنَّ مصر في حرب المصير , إمَّا أن تكون وإمَّا ألَّا تكون .
في يوم الأحد انفجرت قنبلةٌ بجوار مبنى إدارة شرطةِ النجدة ببني سويف , وفي يوم الاثنين انفجرت قنبلةٌ بُدائية الصنعِ في مَبْنًا تابع للنجدة في محافظة بني سويف , وفي يوم الثلاثاء انفجرت سيارةٌ مُفخخةُ في شارع البحر بمدينة العريش , وفي صباحِ يوم الاربعاء شهدت منطقة محطة الجراج بالنزهة انفجارًا داخل سيارة نقلٍ عام , وفي الساعاتِ الأولى من اليوم نفسه توقفت حركة القطارات بخط الزقازيق - المنصورة بسبب انفجارِ عبوةٍ ناسفةٍ بمزلقان قرية أبي الشقوق التابعةِ لمركز كفر صقر بالشرقية , وفي يوم الخميس وقع انفجارٌ داخل إحدي عرباتِ مترو الأنفاق .
مَنْ وراءَ هذه الأحدث ؟ وراءَها هواةُ التكفريين مِنْ الصِبية الَّذين اعتقدوا أنَّ ما يصنعون هو حقيقةُ الدين, وأصلُ نصرةِ شرعِ رب العالمين , كما زينَّه لهم شيوخُ الضلالةِ وأئمة التكفير , وراءها اللجانُ النوعية , وهي استنساخ للتنظيمِ السري والنظام الخاص للإخوان المسلمين , فالإخوانُ يخربون الآن ويقتلون بأيدي أعضاءِ اللجانِ النوعية, من الأغرارِ المخدوعين وكلُ لجنةٍ نوعية هي خلية عنقودية, والخلايا العنقودية في اللجان النوعية لا يعرفون مَنْ فوقهم, وقد لا يعرفون مَنْ معهم ولكنهم يُنفذِّون ما به يؤمرون, وهم على يقين من أنهم يخدمون الدين , وراء هذه الأحداث شيوخُ الضلالة, الَّذين يعتقدون أنهم قد اُسْتُلِبوا حقًا كان لهم وكانوا به يتمتعون, ويعزُّ عليهم ويَكْبُرُ في نفوسهم أن يصيروا إلى ما هم عليه من انكشافِ سِترهم واستبانة أمرِهم , وراء هذه الأحداث غفلةُ شعب , غفلةُ شعبٍ تشغله همومٌ صغيرة , تشغله همومٌ صغيرة عن خطرٍ داهم عظيم , وإنه لأكبرُ مِنْ الخطر ألَّا يعلم بالخطر مَنْ هو في خطر , ألا إنه لأكبرُ مِنْ الخطر ألَّا يعلم بالخطر مَنْ هو في خطر , لقد نسيَ الناس ما كان وانصرفوا إلى شؤونهم كأنه لم يكن شيء , وكأنه لا يٌبَيَّتُ لهم أمرٌ بليل , معاذ الله , بل إنهم يرون بأعينِهم ما يُدَبر لهم وما هم مَسوقون إليه من القتل والتذبيح والتشريد في الأرض , لكنَّ الناس في مصر وأسفااااه كما قيل: مصرُ كلَّ شيءٍ فيها يُنسى بعد حين , ربما كانت طبيعةَ شعبٍ متسامحٍ بطبعه , متغافلٍ بأصلِ خلقته , ولكن النسيانُ والغفلة في هذا الآن يعنيان الإستئصالَ والإفناء , وتأمل فيما تزخر به وسائلُ الإعلام وتثيرُ عجاجته مواقع التواصل ، وتلفظهُ الأرض من بطنها ، وتعصف به الريح عصفَها ، من إعلانٍ فاجرٍ عن ثورةٍ مسلحة تندلع شرارتها في الثامن والعشرين من هذا الشهر . ألا يتوقف الناس ليتأملوا فيما يُعَدُّ لهم من آلات القتل ووسائل التدمير ؟ وهم يرونها رأْي العين .
أين ذهبت العقول ؟؟ بل أين غريزةُ حب البقاء؟!
لقد أعلنت ما يُدعى بالجبهة السلفية ، ومعها حركة السادس مِنْ أبريل والاشتراكيون الثوريون ومعهم الإخوان المسلمون ، أعلنوا جميعًا بدءَ الثورةِ المسلحة في الثامن والعشرين من هذا الشهر ، وأعلنَ مَنْ أعلن مِنْ أصحاب الأراجيف والشائعات أن عناصر مِنْ التنظيم الإجرامي الدموي المارقِ المدعو داعش قد تسللت إلى أرضِ مصر الطيبة، وأن تلك العناصر المجرمة ستشاركُ في إحداثِ الثورة المسلحة وأحداثها. ونشرت وسائلُ الاعلام أن أبا الفتوح يُحرِّضُ السلفيين وحركة السادس من أبريل والاشتراكيين الثوريين, يُحرضهم على ثورةٍ مسلحة يوم ثمانية وعشرين من نوفمبر ، وذكرت أن اجتماعًا ضمه والإشتراكيين الثوريين بأوامر أمريكية من أجل التخطيطِ للتظاهر في ذكرى أحداثِ محمد محمود .
وقال في الاجتماع أنَّ ثورتنا هذه المرة ستكون ثورةً مسلحة وليست سلمية ، وطالبهم بأن يقوموا بإلقاءِ المولوتوف والحجارة على ضباط الجيش والشرطة, للإشتباك معهم من أجل إيجاد مبررٍ لاستخدام السلاح الَّذي معهم ضد الجيش والشرطة ، وذكرت تلك الوسائل أنه سيكون همزةَ الوصل بين الاشتراكيين الثوريين والسادس من أبريل من ناحية وشباب الاخوانِ والسلفيين من ناحية أخرى لتجميع أكبرِ عددٍ من الشباب بحُجةِ الدفاع عن ثورة الخامس والعشرين من يناير. وذكرت أنَّ اجتماعات تُعقد الآن بين العناصرِ الارهابية المُتطرفة مما يسمى بأجنادِ مصر ، مع عناصر من حازمون, والفرقة خمسة وتسعين إخوان, من أجل إشعال الأوضاع في المناطق التي يسيطر عليها التيار الاسلامي كالمطرية وعين شمس وحلوان والزيتون ، مع التركيزِ على استهدافِ المنشآت الحيوية كبرج القاهرة وقصر القبة ووزارة الدفاع .
أيها المصريون ........
انظروا إلى العراقِ وسوريا ، انظروا إلى ليبيا واليمن ، انظروا إلى الخرابِ والدمار وهتكِ الأعراض واستباحةِ الدماء ، انظروا إلى الذبح والقتل, وتفكيك الجيوش وتدمير الثرْوات ونهبِها ، انظروا إلى الفوضى وأنهارِ الدماء , انظروا إلى ذلك كلِّه وإلى غيرِه مما يصعب حصرُه ، واعلموا أن السعيد مَنْ وعظ بغيره .
أيها المصريون ماذا تنتظرون لكي تُفيقوا من الغفلة وتَنهضوا من السُبات ؟؟
أوضحت المصادر العسكرية أنَّ لنشَ مرورٍ ساحليا تابعًا للقواتِ البحرية, كان يؤدى خدمته اليومية في المرور بالمياه الإقليمية لمُراقبتِها وتأمينها, وعلى متْنِهِ قوةُ برئاسةِ مُلازم أول بحري، حيث تلَقَّى لنشُ البحرية إشارةَ استغاثةٍ من ثلاثةِ بلنصاتٍ كانت تُبحِرُ في المياه الإقليمية, وعندما اقترب لنشُ البحريةِ منها لمعرفةِ حقيقتِها, أطلق رُكَّابُها النيران من أسلحةٍ ثقيلة على لنش البحرية مِنْ اتجاهات عِدَّة، فتبادلت قوةُ اللنشِ إطلاق النيران معهم, وأرسلت إشارةً بما جرى للقواتِ البحرية بميناء دمياط، وتحركت قواتٌ قتالية وطائرات لمعاونة اللنش الَّذي تعرض لإصاباتٍ جسيمة، فيما نجحت العناصرُ القتالية والطائرات في تدمير البلنصات الثلاثة المُهاجِمة و رابعٍ كان في وضعيةِ المراقبة, و قُتِّلوا تقتيلا ومَنْ لم يُقتل أُسِر، ومنهم مصريون ومنهم دون ذلك، وتبقى العِبرةُ والعِظة، صحيحٌ أنهم لم يبلغوا شيئًا ولم يُحققوا غايةً ولا وطرًا, وباءوا بالخِزي الَّذي أخزاهم اللهُ تعالى به, ولكن تبقى العبرةُ والعظة، هذا أمرٌ نادر, يجب أن يجعل المصريين لا ينامون، إنهم سيأتونكم من البحر كما قد أَتَوْكم قبلُ مِنْ البرَّ، و ورائهم مَنْ ورائهم ممن ارتكنوا إليه وأسندوا ظهورهم إليه؛ الأجانبِ الَّذين يتْبَعون الاستخباراتِ والقوى المعادية بعد أن دَرَّبوا و جَهزوا و موَّلوا, وهم يشاركون أيضًا في الاعتداء على هذا البلد الطيب الَّذي يُمِضُّهُم و يُقِضُّ مضاجعَهُم, ولا يُنِيمُ عيونَهم أنْ يَبقى في أمانٍ وأمنٍ و هدوءٍ واطمئنان، يريدونهُ فوضى تجري فيه سائلةً أنهارُ الدماء.
فيجبُ أن يجعل هذا الأمرُ المصريين لا ينامون، إنها معركة المصير، إمَّا الترَدِّى في هِوّةِ الفوضى وهي مليئة بالأشلاءِ المُمزقة والدماءِ النازفة، هذه صورةُ وطنِكُم التي يريدون أنْ تكون، هِوّةٌ من الفوضى مليئةٌ بالأشلاءِ المُمزقة والدماءِ النازفة والحرائق المُستعرة والأعراضِ المُنْتهَكة والسُبلِ المُقَطَّعة, وأسرابِ البوم الناعبة والغربان الناعقة على الخرائبِ والأطلال، وجيوش الجِرذان المُسّمَنةِ على لحومِ الجُثثِ المتعفنة, وما لا يُحصى من مثل هذا.
أيها المصريون...إما هذا وإما يقظةٌ واعية, وإحساسٌ مُرهفٌ بالخطر من غير وسوسةٍ ولا فزع, مع نفي العناصر الخائنة المجرمة عن ساحةِ الشرف, وميادين الطهارة والنقاء, وفي ذلك سلامةُ الدين و حفظُ الدنيا والنجاةُ في الآخرة.
إنَّ سُنَّةَ اللهِ لا تتغيرُ ولا تتبدل, وكان أمرُ الله قدرًا مقدورا، فاتقوا الله وعودوا إليه واصدقوا الله يَصْدُقكم وإلى الله المشتكى, وهو حسبُنا ونعمَ الوكيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله رب العالمين وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له هو يتولى الصالحين, وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ صلى الله عليه وعلى آلهِ وسلم صلاةً وسلامًا دائمين مُتلازمين إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فإنَّ سُنةَ اللهِ لا تتغير ولا تتبدل وكان أمرُ الله قدرًا مقدورًا..(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ,
(وإنَّ اللهَ تعالى لا يملي للظالمِ حتى إذا أخذهُ لم يفلته) قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الصحيحين ثم قرأ (وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) إنَّ ما عند اللهِ لا يُنالُ إلَّا بطاعته .
إنَّ ما يُدْعى إليه مِنْ الثورةِ المُسلحةِ زعموا, إنَّما هو لخدمةِ أعداءِ الإسلامِ والمسلمين, لتقعَ الفوضى وتطضربَ أمورُ البلاد، ومِنْ ثَمَّ يجدُ الأعداء كأمريكا وغيرها عُذرًا للتدخلِ العسكري لنَهْبِ الثرْواتِ واستنزافِها, كما وقعَ في الصومال لمَّا تدخلت أمريكا بحُجةِ حفظِ أمنِ الصومال ومقصِدُهم الحقيقي سرقة اليورانيوم، فلمَّا أخذوا بُغيَتهُم تركوا الصوماليين يتجرعون وَيْلاتِ الخروج, ويجنونَ ثمراتِ المظاهرات والاعتصامات و نحوٌ مِنْ هذا وقعَ في العراق و ليبيا, ومع هذا كلِّه حفظُ أمنِ إسرائيل, بتدميرِ الجيوش العربية أو تفكيكها.
أيها المسلمون...لا تغترُّوا بالحركاتِ والجماعاتِ التي ترفعُ بزعمِها الرايات الإسلامية, كالإخوان المسلمين و داعش و غيرها، فهم في الحقيقةِ مطايا لغيرهم من الكفار والأحزاب السياسية والروافض, لتحقيق مآربِهم وتنفيذِ مخططاتِهم.
ما دخل الإخوانُ في قضيةٍ إلاَّ خَسِروها و خَلَّفوا ورائهم فسادًا عريضًا وبلدًا مريضًا... ما دخل الإخوانُ في قضيةٍ إلاَّ خَسِروها و خَلَّفوا ورائهم فسادًا عريضًا وبلدًا مريضًا .
ولا يغُرنَّكم أيها المسلمون كثيرٌ من المنتسبين للدعوة ممن يؤيدون, بل وكثيرٌ ممن يستنكرون, فهؤلاء ليسوا بعلماء ولا دُعَاةِ سُنَّة بل هم دُعَاةُ فتنة وشيوخِ ضلال.
لقد كادت الجزائر تَهلِكُ قبل أعوام بسبب فتاوى دعاةِ الفتنة, التي أيَّدت جبهة الإنقاذ في الاغتيالاتِ والمظاهراتِ والقتالِ الَّذي دار بينها وبين حكومتها, لكنَّ الله سلَّم و ردَّ فِتنتَهُم بفتاوى العلماءِ الربانيين.
أيها المسلمون اتقوا الله والزموا الصدق, أيها المؤمنون اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، فالصدقُ منزلُ القومِ الأعظم الَّذي منه تنشأ جميعُ منازلِ السالكين, وهو الطريقُ الأقوم الَّذي مَنْ لم يَسِر عليه فهو مِنْ المنقطعين الهالكين, وبالصدق تَمَيَزَّ أهلُ النفاقِ مِنْ أهلِ الإيمان, وسكان الجنان مِنْ أهلِ النيران, وهو سيفُ الله في أرضه , الَّذي ما وقع على شيءٍ إلَّا قطعه ولا واجه باطلًا إلَّا أرْدَاهُ وصرَعَهُ, مَنْ صالَ به لم تُرَدَّ صَولتُه, ومَنْ نَطَقَ به عَلَتْ الخصومَ كلمتُه, فهو روحُ الأعمال ومِحكُّ الأحوال والحاملُ على اقتحامِ الأهوال. والصدق هو الباب الَّذي منه دخل الواصلون إلى حضرةِ ذي الجلال, وهو أساسُ بناءِ الدين, وعمود فسطاطِ اليقين ودرجته تاليةٌ لدرجةِ النبوة, التي هي أرفعُ درجاتِ العالمين, ومِن مساكنهم في الجنان تجري العيونُ والأنهارُ إلى مساكن الصديقين, ما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مددٌ متصلٌ ومَعين. عليكم بالصدق, عليكم بالصدقِ باطنًا وعليكم بالصدقِ ظاهرًا, عليكم بالصدقِ في الأقوال, وعليكم بالصدقِ في الأعمالِ والأحوال, عليكم بالصدقِ في الإرادات والنيات. إنَّ الصدقَ ليس صدقَ اللسانِ وحده, وإنما هو صدقُ القلبِ أولًا, لأن القلبَ هو الأصلُ في هذا الأمرِ الكبير, فإذا صدقَ القلبُ, صدقَ اللسان وإنْ تصدُقوا الله يصدُقكم,,, فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين,,, وأحدِثوا لله توبةً أيها المسلمون, وعودوا إلى الله, وأعلموا أنَّه لنْ يرفعَ الكربَ أحدٌ سواه. إنَّ الله وحده هو المسؤولُ أنْ يرفعَ عن بلدِنا الكرب, وأن يُنَجيِها مِنْ هذه التُغمَةِ الظالمة, مِنْ هذه الثُلَّةِ الحاقدة, هو وحدهُ المسئول أنْ يُنَجِينا وأنْ ينجيَ وطننا وجميعَ أوطانِ المسلمين مِنْ أولئك البغاة, مِنْ أولئك المُكفِرين للمسلمين, مِنْ أولئك الحاقدينَ على النجاح, مِنْ أولئك التكفيريين الَّذين يقطعون السُبل على كل سائرٍ إلى الله. اتقوا الله,,, اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فإن الله أمرَ بذلك المؤمنين.
اصُدقوا الله يَصُدُقكم, وأحدِثوا لله توبة واتقوا الله في مستقبل هذا البلدَ المسلم, واعلموا أن هذا البلدَ المسلم مَن دافعَ عنه لإسلامِه فماتَ فهو شهيد، إنهُ يدافعُ عن الإسلام،،،،
اتقوا الله في مكاسبِ الإسلامِ في هذا البلد, على مدارِ أربعة عشر قرنًا من الزمان, وأعلموا أنَّ مَطَايا أعداءِ الإسلامِ والمسلمين, لا يريدونَ بهذا البلدِ ولا بجميعِ بلدانِ المسلمين إلَّا شرًا, لأنَّ هؤلاء الخونة للدينِ والأرضِ والعرِض، هؤلاء الخونة قد سَجَنهُم الله رب العالمين في أضيقِ سجن, في أضيقِ سجن يكون، فإن أضيقَ سجن أنْ يُسجنَ المرءُ في حدودِ فكرةٍ خائبة, لا هو بالَّذي يستطيعُ أنْ يَدفَعها ولا هو بالَّذي يستطيعُ أنْ يُحَقِقُها. هذا السجين معذبٌ بفكرة, معذبٌ بنفسه, معذبٌ بِوَهمِه. فاتقوا الله رب العالمين وكونوا مِنْ الصادقين, والله يرعاكم والله يتولاكم, والله يُسددُ على طريقِ الحقِ خُطَاكُم.
اسألُ اللهَ ربَ العالمين أنْ يحفظَ وطنَنا وجميعَ أوطانِ المسلمين مِنْ كلِ سوءٍ ومكروه, وأنْ يَرُدَّ إلى الحقِ الشاردين عنه, وأنْ يُثبَّتَ على الحقِ الباقين عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين.