مصر وحروب الجيل الرابع

للاستماع للمحاضرة

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-. أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. أَمَّا بَعْدُ:

فإنَّ كثيرًا من المصريين يستنكرون أن يُقال لهم: إنَّ مصر في حالة حربٍ حقيقية، يستنكرون ذلك؛ لأنهم لا يسمعون دَوي المدافع, ولا انفجار القنابل, ولا أزيز الطائرات، مع أنَّ هذا كله يُسمع في جزءٍ عزيزٍ من أرضهم ووطنهم.

لأنهم لا يعرفون الحرب إلا ما مرَّ, مع أنَّ رأس الدولة, ورئيسها, والقائد الأعلى لجيشها, يُقرر, ويُكرر في مناسبات عدة, إن مصر في حالة حرب حقيقية، وهي تخوض حربًا من الجيل الرابع من الحروب.

فما هي طبيعة حروب هذا الجيل الرابع؟ وما وسائلها؟ وما أدواتها وأسلحتها؟

وكيف تُستخدم تلك الأسلحة؟ ومَن المستهدف منها؟ وما كيفية النجاة من هذه الحرب؟

لم تَعُد الحروب الآن مقصورةً على استخدام الأسلحة, والمعدات العسكرية وحدها, كما كانت في السابق، بل أخذت أشكالًا جديدة، واستحدثت وسائل وأساليب أخرى؛ لتحُل محل الحروب التقليدية بين الجيوش المختلفة، وذلك تزامنًا مع التطور التكنولوجي المستمر خاصةً في مجال الاتصالات والمعلومات.

وقد ظهر مؤخرًا ما يُعرف بحروب الجيل الرابع, التي استغلتها دولٌ بعينها, وأثرت بشكلٍ كبيرٍ في المنطقة، ويختلف الجيل الرابع من الحروب عن الحروب التقليدية.

فالحروب الحديثة يمكن تقسيمها إلى أربعة أجيال هي:

حروب الجيل الأول: وهي الحرب التقليدية بين الجيوش النظامية للدول، وظهرت تقريبًا في الحقبة من سنة ألف وست مئة وثمان وأربعين (1648) حتى سنة ألف وثمان مئة وستين(1860)، ويكون القتالُ فيها في أرض معارك محددة, بين جيوش تمثل دولًا في حربٍ ومواجهة مباشرة.

وأما حروب الجيل الثاني: فقد ظهرت وتطورت بواسطة الجيش الفرنسي, قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، وهي شبيهةٌ بالجيل الأول من الحروب التقليدية، ولكن تطورها جاء لاستخدام المناورة بالنيران, مع تطور استخدام الدبابات, والطائرات بين الأطراف المتنازعة، كما حدث في الحرب العالمية الأولى.

وأما حرب الجيل الثالث: فكانت بداية ظهورها في الجيش الألماني، وهي الحرب وراء خطوط العدو, وعرَّفها بعض المحللين العسكريين بالحروب الوقائية, أو بالحروب الاستباقية, كالحرب على العراق وأفغانستان، وتميزت هذه الحروب بالمرونة, والسرعة في الحركة.

أما حروب الجيل الرابع: فهي الأحدث, وتُعد من الأشكال الجديدة للحروب.

وهذا المصطلح أُستخدم لأول مرة في عام تسعة وثمانين وتسع مئة وألف (1989) من قِبل فريقٍ من المحللين بالولايات المتحدة, وأحد الخبراء العسكريين الأمريكيين, وهو الأمريكي [ماكس مانوارينج].

عرَّف حروب الجيل الرابع في محاضرةٍ علنية بأنها:

((الحرب بالإكراه؛ لإفشال الدولة, وزعزعة استقرارها, ثم بفرض واقعٍ جديدٍ يراعي مصالح العدو)).

وهذا الجيل من الحروب, يهدف إلى تفتيت مؤسسات الدولة الساسية، والعمل على انهيارها أمنيًا واقتصاديًا، وتفكيك وحدة شعبها؛ من خلال الإنهاك, والتآكل البطيء للدولة، وفرض واقعٍ جديد على الأرض؛ لخدمة مصالح العدو، وتحقيق أهداف الحروب التقليدية من الجيل الأول والثاني والثالث, بتكلفةٍ أقل, من بشريةٍ وماديةٍ إلى غير ذلك.

كما تستهدف أيضًا حروب الجيل الرابع, تجنب مشكلات ما بعد الحرب؛ كالروح العدائية ضد الدولة المعتدية.

ما سبق يأتي في إطار تحقيق هدفين رئيسين هما: الدولة الفاشلة, ثم الإكراه لتنفيذ إرادة العدو.

وذلك تأكيدًا لمقولة [مانوارينج الشهيرة] في محاضرته:

((إذا فعلت هذا بطريقةٍ جيدة, لمدةٍ كافية, ووببطءٍ مدروس؛ فسيستيقظ عدوك ميتًا)).

ومن أبرز سمات هذا الجيل من الحروب, أنها ليست نمطية, كحروب الأجيال السابقة، وتعتمد على التقدم التكنولوجي، ولا تُستخدم فيها الأسلحة اتقليدية، بل الذهنية من القوى الذكية.

 كما أنها تعمل على تحويل الدول المستهدفة, من حالة الدولةِ الثابتة إلى الدولة الهشة، وهي تستهدف الدولة بالكامل, بما فيها من المدنيين، وتتسم أيضًا بعدم وضوحِ الخطوط الفاصلة بين الحرب, والسياسة, والعسكريين, والمدنيين.

وتعتمد حروب الجيل الرابع على مجموعاتٍ قتالية صغيرة في الحجم، وعلى شبكةٍ صغيرةٍ من الاتصالات والدعم المالي.

ومن أساليب وأدوات حروب الجيل الرابع؛ الإرهاب، وتأتي المظاهرات أيضًا بحجة السلمية في مقدمة هذه الأدوات، ويليها الإعتداء على المنشآت العامة والخاصة, والتمويلُ غير المباشر لإنشاء قاعدةٍ إرهابيةٍ غير وطنيةٍ, أو متعددةِ الجنسيات داخلَ الدولة, بحُججٍ دينيةٍ, أو عِرقيةٍ, أو مطالبَ تاريخية.

والتهيئة لحربٍ نفسيةٍ متطورةٍ للغاية, من خلال الإعلام, والتلاعب النفسي، واستخدام محطاتٍ فضائيةٍ تكذب, وتقوم بتزويد الصور والحقائق, عن طريق تمويل المحطات, أو الإعلاميين, أو أصحاب المحطات، ويُستخدم فيها وسائل الإعلامِ التقليدية؛ والجديدة من مواقع التواصلِ الإجتماعي.

وأيضًا مِن بين وسائل الحرب مِن حروب الجيل الرابع؛ تطوير التكتيكات؛ لإختراق وتجنيد التنظيمات داخل الدولة المستهدفة، والعمل باسمها وبغيرها من التنظيمات, التي تأخذ الطابع المتطرف، مع استخدام مرتزقة مُدربين؛ لتحقيق مخططاتٍ في الدول المستهدفة، بالإضافة إلى استخدام تكتيكات حروب العصابات، وعمل تفجيراتٍ ممولةٍ بطريق مباشرٍ أو غير مباشر.

والتمرد للأقليات العرقية أو الدينية، وضرب طبقات المجتمع بعضها ببعض، واستخدام كل الضغوط المتاحة؛ السياسية, والاقتصادية, والإجتماعية, والعسكرية, وغيرها؛ كالتلويح بقطع المساعدات, أو كالتهديدات الحربية وغير ذلك من الوسائل والأساليب.

واستخدام منظمات المجتمع المدني والمُعارِضة،  والعمليات الإستخباراتية، وأخيرًا استخدام العملاء في الدول المخترقة, وتسليط الأضواء عليهم, ومنحهم الجوائز العالمية.

وحروب الجيل الرابع المُثلى, هي التي تبدأ ولا يشعر بها أحد، وتَستخدم القوة الذكية التي تعتمد على التنوع الكبير, والاستخدام الذكي للقوة الناعمة, مع القوة الصُلبة, في تناغمٍ عالٍ, مخططٍ بطول أمدٍ, واتساع زمن, حتى تستيقظ الدولةُ المستَهدَفة في النهاية وهي ميتة.

هذا المَكرُ المفضوح يعلمه الناس، ويَخبُرُونَ خبره, ويضطلعون على خبيئته، ومع ذلك؛ فهم كالذين يسيرون وهُم نائمون!!

وأكبرُ مِن الخطر, أن لا يُحس مَن هو في خطرٍ بحقيقة الخطر؛ لأن الذي يُحِسُّ بالخطر؛ يجتهد في توقيه، وفي أخذ الوسائل التي تُنجيه، وأما الذي يحيط به الخطر من أقطارهِ كلها، وهو مع ذلك على يقينٍ من أنه في أمنٍ وأمان، وأن الأمور كلها على ما يُرام، فهذا هو الذي في الخطرِ حقيقة.

ولكن {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

الجيل الرابع من الحروب: هو الحرب اللامتماثلة، هو الصراع الذي يتميز بعدم المركزية بين أسس, أو عناصر الدولة والدول المتحاربة.

هذه الحروب لا تستهدف تحطيم القدرات العسكرية، وإنما تستهدف نشر الفتن والقلاقل، تستهدف زعزعة الاستقرار, وإثارة الاقتتال الداخلي.

 فالحرب الجديدة حسب تعريف مَن أعلنها, وحدد معالمها, في (معهد الأمن القومي الإسرائيلي) فقال:

((الحرب بالإكراه, وإفشال الدولة, وزعزعة استقرارها, ثم فرض واقعٍ جديد يراعي المصالح الأمريكية)).

وأضاف -وهو يشرح لطلابه- كيفية غزو دول الأعداء عن بُعد؛ بزعزعة الاستقرار بصور ٍمتعددة, غالبا ما تكون حميدةً إلى حد ما –أي: ينفذها مواطنون من الدولةِ العدو نفسها- ويشرح لهم فكرة حروب الجيل الرابع, التي لا تستهدف -كما يقول- تحطيم مؤسسة عسكرية, أو القضاء على قدرة أُمَّةٍ في مواجهة عسكرية، ولكن تستهدف إنهاك إرادة الدولة المستهدفة ببطءٍ بعد نشر الفوضى.

وفي تعريفٍ أوضح: ((إنه الجيل الرابع من الحروب: وهو جيل تسخير إرادات الغير, في تنفيذ مخططات العدو)).

وتقنيات الجيل الرابع من الحروب, تستهدف النظام الذهني, عن طريق خلق أنظمةٍ ذهنيةٍ, داخليةٍ متناحرةٍ على جميع المستويات، تأخذ هذه الأنظمة الذهنية المتناحرة طابع حرب الجماعات الدينية, أو حرب الجماعات المالية والاقتصادية، كما أنه من الممكن أن تأخذ طابع حرب الجماعات العلمية المسوقة للتكنولوجيا.

هذه الجماعات المتناحرة -السالفة الذكر- تخترق الفراغات الهائلة للتقنيات الحديثة، وتُحدث خسائر فادحة في الدول والمجتمعات.

ولعل استخدامَ الطائرات المُسيَّرة بدون طيار, في مراقبة أجواء الدول, وتطويرها من أجهزة رصدٍ, إلى أجهزةٍ قادرة على الهجوم والاغتيالات, بعد تزويدها بالصواريخ؛ هو الوجه الظاهر الأبرز للتحول التدريجي في هيكلة الحرب العسكرية.

أما الوجوه الآخرى:

فهي فِرق التحرك السريع, ثم فِرق المهمات الخاصة، وهذه الأخيرة تنفذ عمليات تمتد من الخطف, والاغتيال, والتدمير إلى إثارة الفتن والقلاقل, تمهيدًا لتحولات سياسية.

وتتراوح أسماء هذه بين:

الفِرق القذرة: وهُم يعتبرون التسمية صفةً لائقةً بقوات رسمية, لا تلتزم بالقواعد القانونية العادية, أو لغرض الترهيب.

وفِرق الموت الأكبر: وهي أكثر سريةً، وهي تعمل تحت رايات مختلفة, سواءٌ كانت مكونة من المرتزقة, أو من الأمريكيين أنفسهم, أو من النخبة المتعاونة مع القوات الامريكية من أهل البلدِ المغضوب عليها.

وتسعى الإدارة الأمريكية إلى التخلص تدريجيًا, من الاعتماد السابق على تمركز القواعد العسكرية الضخمة, بمعداتها وآلياتها في البلدان المحتلة, مع إبقاء عددٍ محددٍ منها؛ كمراكز سيطرةٍ ورصد, بعيدة المدى، بالتركيز على الأجهزة الإلكترونية المتطورة, والمدارةِ عن بُعد.

ويتلائم هذا التطور مع توقيع اتفاقياتٍ أمنيةٍ, واستراتيجيةٍ مع الحكوماتِ الحليفةِ, أو الخاضعةِ؛ لتحقيق المفهوم الذي كتب عنه مُنظر الأمن القومي الاستراتيجي اليميني [مارك هيلز] قبل سنوات, بعد عامٍ من تفجيرات الحادي عشر من سبتمير (11/9) قائلًا:

((سواءٌ في داخل أو خارج أمريكا, سننتهي إلى الوضع التالي، أبنائهم ضد تقنيتنا، وإذا ما أضفنا إلى ذلك اللجوء إلى سياسة القوةِ الناعمة، أي بالتفاعل مع المجتمعات بتفاصيلها،  ومع الطيف السياسي بمُجمله، ومع بنية المجتمع المدني والتعليم والإقتصاد، لوجدنا أننا بحاجةٍ ماسة, إلى تمحيص الكثير من المتغيرات الأخيرة في البلدان العربية)).

ويساهم العديد من المنظمات الأمريكية, لدعم سياسة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط بأسلوب [أوباما] الجديد، والذي يُسمى بحربِ الجيلِ الرابع المتقدمة، بتقديم التدريب للناشطين، ومن هذه المنظمات (مؤسسة فريدوم هاوس) و (منظمة العون الأمريكي) و (منظمة أوتبور ) و (المعهد الديموقراطي الوطني) و (الصندوق الوطني للديموقراطية)... إلى آخر تلك المؤسسات.

وعلى إثر ذلك؛ تقوم تلك المنظمات بتأمين التدريب, والدعم للمدافعين عن الديموقراطية؛ لنشر الجهود الإصلاحية، وتشجيع مواطني كل بلدان العالم على بذلها -كما تدعي-؛ من خلال مكاتبها التي يتجاوز عددها إثني عشر مكتبًا, في أربع قاراتٍ في العالمِ مباشرةً، في كل دولة مع المصلحين الديموقراطيين, الذين يحتلون الخطوط الأمامية في بلدانهم، وتقوم بدور المحفز للحرية، وذلك من خلال تقوية المجتمع المدني, وتعزيز الحكومات المنفتحة، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتسهيل تدفق المعلومات والأفكار.

وقد سُرب فيلمٌ وثائقي في الغرب، ونشرته عدةُ مواقع على الشبكة العنكبوتية، وعدةُ قنواتٍ فضائيةٍ غربية، يعترف فيه عدد من  النشطاء المعروفين, بتلقيهم تدريباتٍ على قيادة وإدارة الثورات والانقلابات الناعمة.

وقد عُرض الفيلم لاحقًا على عدةِ قنوات عربية، وقد تحدث في الفيلم مدربُ مواقع يوتيوب, صربي يُدعَى [سيرجيو بوبوفيتش]، وهو رئيس (منظمة أوتبور)، وتعني باللغة العربية قبضة اليد، وهو نفسه الشعار الذي اتخذته هذه المنظمة رايةً لها، واستنسخته منظماتٌ كثيرةٌ حول العالم.

هذه المنظمات التي كانت ناشطةً في تنظيم الاحتجاجاتِ في دولة صربيا، وهي منظمةٌ معروفةٌ بارتباطاتها الأمريكية.

وقد اعترف هذا المدرب الصربي, في مقابلةٍ مسجلةٍ في الفيلم الوثائقي نفسه, بأنه درب في مركزهِ المعروف في صربيا, مجموعاتٍ هائلةً من النشطاء, والحقوقيين, والسياسيين من سبعة وثلاثين (37) بلدًا حول العالم!!

دربهم على خططِ, وتصاميمِ, واستراتيجياتِ, وتكتيكياتِ, وآليات إسقاط الأنظمة, بصورةِ احتجاجاتٍ مدنية وسلمية!!

ومن بين نشطاء هذه الدول, سمى نشطاء من إيران, ومصر, وتونس, وسورية, وفنزويلا, وأوكرانيا, وجورجيا، وهي الدول التي شهدت احتجاجاتٍ, وانقلاباتٍ مدعومةً من الغرب في السنوات العشر الأخيرة.

وقد تحدث [بوبوفيتش] عن تصميمٍ متكاملٍ لآلياتٍ, وتكتيكاتٍ, لتنظيم ثوراتٍ ناعمة, تقوم على اعتماد مبدأ الهجوم, والعصيان المدني والشعبي، والتحرش بالأمن والشرطة، ومحاصرة واحتلال المقرات الرسمية، والحرص على الوجود عَبر المُخيمات في الأماكن والميادين العامة، وإضفاء الأحداث الدرامية, والرمزية على الواقع العام، وسُبُلِ تنظيم المسيرات الجماعية الناجحة، وكتابة البيانات, والشعارات, والرايات الإعلامية، واعتماد الأناشيد, والأغاني, واللباس, واللون الموحد، وعرض الأنشطة الفكاهية، وقرع الطبول والموسيقى, والمزامير الخاصة, التي تؤدي إلى زيادة الحماسة, وتجتذب المزيد من الجماهير, وتحافظ على تماسك الاحتجاجات، وتدعم بقائها في الشوارع, والميادين العامة، وترفع معنويات الحشود الجماهيري.

كما تحدث في الفيلم نفسه, رؤساء منظماتٍ شبابيةٍ وحقوقيةٍ، تحدثوا عن تلقيهم تدريباتٍ على تنظيم ثوراتٍ ناعمةٍ, وهُم من بلدان أوكرانيا, وجورجيا, وتونس, ومصر, وفنزويلا, وغيرها.

والذي مرَّ مما دربهم عليه, قد وقع بنصه وفصه في ميدان التحرير وغيره..

حتى ما يتعلق بالأناشيد, والأغاني, والرسومات الجدارية، وما يتعلق بالشعارات, والرايات, إلى غير ذلك من هذه الأمور!!

فقد استنسخوا ما وقع في الثورة الصربية, عندما تلقوا أدوات العمل, ووسائله وجاءوا فنفذوا، وأحدثوا الخراب في البلاد, والفساد في العباد، والله المستعان وعليه التُكلان.

حرب الجيل الرابع, تقوم على تفتيت الأمة من الداخل، فالجيش ينقسم علي نفسه، والشرطة والقضاء, والشعب تكون ضد الجيش وضد بعضها.

أي: هي عملية شرذمة للجميع، هو قتالٌ واقتتالٌ داخلي, بحيث تنهار الأُمَّة من الداخل.

ويستخدم في هذه الحروب ما يعرف بحرب المعلومات, وتعتمد علي شقين:

 الأول: دفاعي يحمي أنظمة الدولة، وهجومي يوجه ضد أنظمة الدولة المعادية.

وتستخدم الحرب العمليات النفسية، والاستخبارات، ومهاجمة الوسائط، والهاكرز, وأعمال التجسس،  وزرع العملاء, إلي أن يتكون مناخٌ عدائيٌ بين أطراف الأُمَّة, ومؤسساتها, ونسيجها الوطني، ويبدأ الصراع الداخلي.

الجيل الرابع من الحروب، المؤسسة الوحيدة التي انتبهت إليه هي القوات المسلحة المصرية، حيث بدأت باتخاذ إجراءات عديدة منها: حماية أنظمتها، ومنها إلتحامها بالشعب؛ لأنها مرتبطة بهذا الشعب، فقد تحملت كثيرًا من الإهانات؛ لكي لا تفقد العلاقة الوطيدة بينها وبين شعبها، وبالتالي؛ الوفاق الوطني يحميها علي مستوي إعداد القوات المسلحة لنفسها بالحماية النفسية والمعنوية، ودرء الشائعات التي يمكن أن تؤثر سلبيًا، ثم الارتقاء بالمستوي, والكفاءة القتالية.

كل هذا يعمل لأجل القضاء، وصد الجيل الرابع من الحروب.

وأبرزُ مثالٍ على الجيل الرابع من الحروب: ثورة الخامس والعشرين من يناير (25/1), نعم؛ ثورة الخامس والعشرين من يناير, التى يقول البعض عنها إنها بلا قائد، لمَّا كانت بلا قائد –يقولون- فشلت في تحقيق غايتها وأهدافها.

 لكن فى ظل حروب الجيل الرابع, نجد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير كان لها قائد, وهو يهوديٌ صليبة, صهيونيٌ متعصب, وهو [جارد كوهين] وهو الأب الروحي للثورات العربية في هذا العصر.

 البعض يعتبره القائدَ الحقيقيَ لما سُمي بثورة الخامس والعشرين من يناير، وثمة من يعتبره مسؤولًا عن كل الأحداث التي تلتها, بما فيها أحداث الخامس والعشرين من نوفمبر التالي، التي أطاحت بحكومة [عصام شرف]، وبين هذا الحدث وذاك، أحداث أخرى كثيرة، اتهم فيها بعض المصريِّين ثوارهم بأنهم خدم ل [كوهين].

 لذلك جرى الكشف عن اعترافات [وائل غنيم] -وهو منشيءُ ومدير صفحة (كلنا خالد سعيد)- بإطلاع [جاريد كوهين] -من شركة جوجل- على أمر إنشائه للصفحة المشار إليها؛ لافتًا إلى أن اليهودي الأمريكي المذكور, تردد على مصر, وإلتقى [وائل غنيم] في يوم السابع والعشرين من يناير (27/1) ليلة مظاهرة ما عرف بـ (جمعة الغضب).

وهذا الأمر يرجح أن تكون تلك الشركة -يعني شركة جوجل- كانت غطاءً لأعمالٍ استخباراتيةً خاصة؛ لأنها توسطت لدى وزارة الخارجية الأمريكية, لإخلاء سبيل [غنيم] مع أنه لا يحمل الجنسية الأمريكية!!

حرب المجتمعات -وهي حرب الجيل الرابع- ابتكرتها دولة اليهود، ابتكرتها إسرائيل...

-إسرائيل اسم نبي كريم من أنبياء الله -جل وعلا-، ولكن الدولة اللقيطة تُعرفُ معرفةً عامةً بأنها دولة اسرائيل، فمن هذه البابة, نكرر هذا الاسم الكريم على هذا النحو، لأننا مضطرون إلى ذلك، لكي يعرف من يسمع ما يتكلم به المتكلم.

حرب المجتمعات التي ابتكرتها إسرائيل، والتي تَمكنَ من تقنيتها حِلفُ شمالِ الأطلنطي, هي الجيل الرابع من الحروب.

في كتابه شديد الأهمية (لُعبة الشيطان) ينقلُ مؤلفه [روبرت دريفوس] عن [شارل فريمان] -السفير الأمريكي الأسبق في السعودية-  قال:

((إن (شين بيت) وهي جهاز الأمن العام الإسرائيلي, هو صاحب مشروع قيام (منظمة حماس)؛ لاستخدامها في تهديد منظمة التحرير الفلسطينية, تمهيدًا للقضاء عليها.

وفي سنة ثلاث وسبعين وتسع مئة وألف (1973) تحت عيون [شين بيت] أسس [أحمد ياسين] المركز الإسلامي, وبدأ في السيطرة على أكثرَ من مئةِ مسجدٍ في غزة!!

وحسب ما نشر [ديفيد شيلر]- مراسل (نيويورك تايمز) فى القدس- فإن:

البريجادر [إيزاك سيرجيف] -وهو الحاكم العسكري لغزة- كان يفخر بأن جيشه يمول مساجد الإسلاميين في القطاع.

نجحت إسرائيل باختراقها تنظيمات المقاومة الفلسطينية, في إثارة الفتنة بينها, أفسدت القضية التي تجمعها، وتخلصت بالقتل أو بالتشهير أو بالتشريد من قياداتها، وأسست بتلك التجربة ما وصف فيما بعد بحرب المجتمعات، وهي الجيل الرابع من الحروب.

حروب المجتمعات ليست ككل الحروب، يُطلق عليها أحيانًا الجيل الرابع من الحروب، وبعد نجاحها في فلسطين، نقلتها إسرائيل بتوسع إلي الدول العربية, ثم إلي دول المنطقة، واستخدمت فيها كل ما تملك أجهزتها من خبرات, في اثارة النعرات الطائفية, والخلافات المذهبية, والتوترات العِرقية.

فلم يعد أبناء الدولة الواحدة, الذين عاشوا مئات السنين معا في سلامٍ ووئام, يطيقوا بعضهم بعضًا، ودعت كل جماعة متجانسةٍ فيها إلي الاستقلال والانفصال، فكان التفتيت والتقسيم مما ضمن لإسرائيل السيطرة علي المنطقة وحدها، بجانب التخلص من مصادر القوة التي تهددها.

وقد توقف تقرير قيادة أركان القوات المسلحة الأمريكية, عند الاستخدام الإسرائيلي للثورات الشعبية, التي تعيشها المنطقة منذ يناير -الذي وقع فيه ما وقع, في مصر حفظها الله تعالي-

يقول:

بالنسبة للثورات العربية التي يسمونها بالربيع العربي، فقد فاجأت الجميع, لكن قادة تلك الثورات لم يكونوا قادرين علي إدارة الحراك الشعبي الهائل, ولا فهم تداعياته، كانت هذه التحركات مذهلة, لكنها في الوقت نفسه كانت فرصةً ذهبية لإسرائيل, لتوجيه بعض القوي المحلية  المشاركة في هذه الثورات, وتحمل أجندات خاصة, كجماعة الإخوان المسلمين, وغيرها من التنظيمات الإسلامية, بجانب جمعيات غير أهلية, حرضتها علي الهجوم علي قيادات الجيوش؛ لتنفيذ خطة إسرائيل المبنية علي حرب المجتمعات.

فهذا الأمرُ كما تري يهودي المنشأ, ولا يمكن بحال من الأحوال أن يأتي منه خيرٌ, ولا أن يتحقق به فضلٌ ولا بِرٌ.

وإنما المقصد منه تمزيق المنطقة الإسلامية العربية, وتحويل هذه المنطقة إلي كانتونات صغيرة, تتنافر بينها, وتتصارع, وتتحارب, وينزف بعضهم دماء بعض, من أجل تحقيقِ مشروع التقسيم, ومن أجل تحقيق وجود إسرائيل الكبري.

حرب المجتمعات: تُعد تطويرًا لنظرية (فَرِّق تَسُدْ) التي ابتكرتها الإمبراطورة البريطانية في أزمنة مجدها, وتعتمد هذه الحرب علي عاملين رئيسيين:

الأول: هو المحافظة المنهجية علي الاتصالات المستدامة مع كل الجماعاتِ في البلدِ المستهدف, وحثها علي الكشف عن نزعاتها الإستقلالية وتعزيزها, وتوضيح ما تتمتع به من خصوصية دينية, أو اسمية, أو قبلية, أو جغرافية.

المهم أن هدف هذه الاتصالات هو تصنيف دول المنطقة بين دولةٍ مستهدفة, ودولةٍ غير مستهدفة، ولا توجدٌ دولةٌ عربيةٌ غير مستهدفة.

وتُرصد ميزانياتٌ ضخمة؛ لتعزيز الفوارق في كل دولةٍ مستهدفةٍ علي حدة، وتستخدم في هذه المجال أدواتٌ مختلفة منها:

توزيع الدراسات التي تتخفي تحت ثيابٍ أكاديمي, وتعد خِصيصا لتوجيه أطرافٍ محليةٍ بعينها, وفي بعض الأحيان تكون هناك تقرير متناقضة عن قضيةٍ واحدةٍ, يأخذ كل طرفٌ منها التقرير الذي يثير غضبه, ويحرضه علي الطرف الأخر.

وتستعمل المنظمات غير الحكومية, بعض القضايا الإجتماعية كحرية المرأة, ولكنها تعرضها بطريقة استفزازية، وغيرها من الأساليب التي لا حدود لتنوعها وترتيبها, كلها تهدف إلى تغذية الفوارق, وتقويتها, وتوفير القرائن, والحجج, والبراهين لها, بحيث تتحول من خصوصية حضارية إلي مشكلة سياسية.

إما العامل الثاني: فهو السيطرة علي وسائل الإعلام, التي تقدر -بقدرتها المثيرة- علي التأثير علي أن تنقل موضوعًا عاديًا إلي مستوي أزمةٍ وطنيةٍ, ويبدأ هذا المسار عادةً بطرح المسألة علي الساحة الدولية, بواسطة خبراء محترفين, أو صحفيين مشهورين, ثم يتطور النقاش درجةً درجة, حتي يصبح مشكلةً طارئة, سواءٌ كانت مشكلة حقيقة أو مفتعلة، لتنتقل بعد ذلك المشكلةُ الطارئة إلي أزمةٍ وطنيةٍ لا تقبل التأجيل.

إن سيطرة إسرائيل علي وسائل الإعلام الدولية, أداةٌ رئيسيةٌ في هذا المجال, تجعل منها شريكًا مزمنًا في كل الأزمات التي تحدث في المنطقة, والخلاص من هذا هو ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في قوله: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم))؛ لأن الاختلاف هو الذي يمكن العدو من الأُمة.

التنافر, والتدابر, والتقاطع, والتشرذم, هو الذي يبدد, ويبعثر قدرات الأُمة وطاقاتها, ويمكن بالتالي منها أعدائها.

وفي هذه الحروب الحديثة, لا يستخدم العدو آلياته, ولا معداته العسكرية, ولا يكلف نفسه درهمًا واحدًا، وإنما يتولَّ أبناء البلد المستهدف الأمر بأنفسهم, خدمةً لعدوهم, خدمةً للشيطان، يقتل بعضهم بعضًا، ويسفك بعضهم دماء بعض، ويعتدي بعضهم علي بعض, علي الأعراض, والأبشار, والأموال, والديار, والأرض.

كل ذلك يفعلونها بأيديهم!! -يعلمون أو لا يعلمون-

وقال صاحب (كتاب اليهود والماسون في ثورات العرب):

(( كل ما تقرأه من أسبابٍ للثورة مما يدور حول الفساد السياسي والاقتصادي والإجتماعي صحيحٌ في أصله، لكنه لا يصنع ثورة.

فالثورة لا يصنعها الفساد, ولا ما ينتجه من حوادث متفرقةٍ أو متوالية، الذي يصنع الثورة, هو ما تولده هذه الأسبابُ والحوادث, من أفكارٍ غاضبة, ومشاعر ساخطة, في كل عقل وداخل كل نفس، ثم تراكمها, وتلاقيها, وتفاعلها.

الذي يصنع الثورة, هو توفير أوعيةٍ ومحاضن, تحشد فيها الأذهان والنفوس, وتتحول داخلها وقائع الظلم والفساد, إلى أداةٍ لتوليد الأفكار الغاضبة, وإثارة المشاعر الساخطة، ثم تركها لتتراكم فيها، وإفساح المجال والوسائل لإطلاقها، ليفجر إطلاقها ينابيعها, وليضاعف فورانها، ثم توفير وسائل تلاقيها, وتلاقحها, وتلاطمها، ليصير من أطلقوها وفجروا ينابيعها في كل نَفَسٍ, نواةً تتكون حولهم طبقاتٌ تتسع, وتزداد كثافةً من الغاضبين والساخطين، يجذبهم إليها, ويدور بهم حولها إلتقاء السخط بالسخط, والغضب بالغضب, وتوافر وسائل إطلاقه والتعبير عنه.

وإذا هدأ أو فتر تيارُ السخط والغضب, سكب فيه مَن وفروا المحاضن للثورة -سكبوا فيه الذين يقومون علي الثورة- من الوقائع, والأحداث, والتعليقات ما يعيده إلى التفجر, والإنهمار, والتدفق، إلى أن تجتاح الأفكار والمشاعر الغاضبة, كل عقلٍ ونفس، مَن رأى الفساد ومَن لم يره، مَن طاله الظلم ومَن لم يطله، فتتحول كتل الأذهان المحتشدة في محاضنها, إلى جمرة تنتظر مَن يوقدها.

ثم إن الثورة لا تقوم بأسبابها الموضوعية فقط, ولا بما تفجر من مشاعر الغضب والسخط من غير هذه المحاضن؛ لأنه لابد من مصدرٍ يدسُّ في وعي الأذهان, والنفوس المحتشدة بذور الثورة, كوسيلة لإزالة هذه الأسباب، ثم يرويها فيها إلى أن تثمر.

محاضن الثورة التي يتم حشد البشر فيها, وتوظيف وقائع الظلم والفساد؛ لكي تتفجر طاقات الغضب من أعماقهم, مع تحويلها إلى أفكار للتمرد, هيَ هيَ في كل عصر، هي هي في فكرتها ووظيفتها، وفي وسائلها وأساليبها في الحشد, وبث ما يريده من وفروا المحاضن للثورة, ومن قاموا عليها، وفي المسار الذي يُدْفَعُ الناس فيه، وفي طريقةِ تكوين نواةٍ داخلها, تُحرك العوام, وتقودهم نحو الثورة.

فإذا كُنت ممن لا تذهله الأشكال عن الفحوى، ولا ممن تستهلك عقله الصورة, ويبطل عن المضمون، ولا ممن يخلب عينه زركشة الثوب وتبديله, عن أن يدرك أن لابسه هوَ هوَ, ربما تكون قد فطنت إلى أن الإنترنت, ومحركاته, ومواقعه ليست سوى الثياب التي يرتديها في القرن الحادي والعشرين, مَن كان يرتدي المحافل, والنوادي, والصالونات, في القرن الثامن عشر, لإحداث وتفجير الثورة الفرنسية!!

فبعضها وظيفته -أي تلك المواقع, وتلك الصفحات- بعضها وظيفته مجرد الحشد, وبث الأفكار, وتغيير الوعي، وبعضها بؤرٌ لإختيار الكوادر وتكوينهم وتدريبهم، ومَن يُنشأ صفحةً ويقوم عليها, هو الأستاذ الأعظم لها -بلغة المحافل الماسونية-.

ومَن يحتشدون فيها من الألوف وعشراتها ومئاتها, هم المائة ألف الذين حشدتهم محافل الماسون في فرنسا في القرن الثامن عشر، والنواة التي تكونت داخلها, وهيجت كتل العوام وحركتها نحو الثورة, هم الاثنان والسبعون الذين لم يكن يعرف حقيقة ما يحدث في المحافل الماسونية غيرهم!!

وإذا كنت أشد فطنةً, ربما تكون قد أدركت أن, مَن خلف المواقع التي صنعت الثورة, وخلف مَن أقاموها, وحشدوا الناس فيها, هُم هُم مَن كانوا خلف الماسونية, ومنظمة النور الإليوميناتي، وصنعوا بها ثورة فرنسا, دون أن يترأسوا محفلًا, أو يتصدروا مشهدًا، ودون أن تراهم كتل العوام, التي ثارت أو تسمع بهم، ودون أن يرصدهم مؤرخٌ أو يسجل أسماءهم.

كما قد رأيت وعلمت، العوام في الثورات ليست سوى الوقود الذي يلقى به في أتونها؛ لتندلع نارها، ثم هم بعد ذلك الغلاف الذي يكتسب به من حركها, وألقاها في الأتون, يكتسب بهم الشرعية ليفعل ما يريد, لا ما تريد كتل العوام.

وهذا الذي حرك كتلها بطاقة الغضب, وبجماع السخط, إنما يكتسح بها ما يريد اكتساحه, وهو الفاعل وهو صاحب الغاية الظاهرة من الثورة.

أما الصانع الحقيقي للثورة, ومن دبرها, وأما صاحب الغاية الخفية منها، هذا الذي لا

يظهر فيها ولن تراه أو تسمع عنه أبدًا، فهو من أقام محاضنها, وكون نواتها, وهيأ وسائل حشد الكتل من حولها.

الصانع الحقيقي للثورة, محاضن فكرتها ونواتها اليهود والماسون يصنعون الثورات, ويسيرون العالم بالأفكار، ولأن بث الأفكار, وتكوين الآراء, وتغيير العقول والنفوس بها, هى أسلحة اليهود, التي دونها القنابل النووية.

فقد كان لليهود عبر التاريخ، وفي كل عصرٍ ومصر،حساسية فائقة نحو وسائل تكوينها, ووسائل بثها، فهم أول من ينتبه لما يظهر منها, وأسبق من يسرع إلى امتلاكها, والسيطرة عليها, وملئها بكل ما هو خلابٌ ومثيرٌ؛ لجذب عموم الناس إليها, وتوجيههم نحو المسار اليهودي أحرارًا طائعين!!

جاء الأوان لتعرف مَن خلف الإنترنت, ومحركاته, ومواقعه، ومَن الذي وفر المحاضن التي صنع فيها وبها الثوار، فهو صاحب الثورة, وقادح شرارتها, وصاحب الغاية مِن خلفها, وإن لم يفطن إليه أحدٌ ليعرفك به.

الإنترنت, ومواقعه الكبرى, ومحركاته, التي تصنع أفكار البشر ووعيهم, وتكون أراءهم, وهى مصدر معلوماتهم, يسيطر عليها اليهود سيطرةً تامة، وبالضبط كاليهود الذين

كانوا خلف ثورة فرنسا.

يهود الإنترنت: جماعةٌ مترابطة بالعمل وبالمصاهرات، مرتبطون بدولةِ اليهود, ويعملون من أجلها.

وها هنا نموذجًا لبيان هذا الأمر الكبير...

نسأل الله- تبارك وتعالى- أن يبصرنا بخيوط وأساليب هذه المؤامرة, وأن يجعل هذه الدولة بعيدةً عن الفتن, وأن يجعل الفتن بعيدةً عنها, وكذا سائرُ بلاد المسلمين.

وَصَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ:

فإنه في الأعوامِ الخمسةِ التي مضت, جرت مياهٌ كثيرةٌ في نهرِ هذهِ الأُمَّة المصرية, ولكن وأسفاهُ, هي مياه نجسة, لوثت العقول, وبلبلت الأفكار, وأحدثت التقاطع بين المصريين, جملة وتفصيلًا.

ومَن كان يظنُّ أن المؤامرة قد انتهت بانحسارِ أمواجها عند الصخرة المصرية التي أراد الله –عز وجل- لها الثبات والبقاء, مَن كان يَظنُّ أن المؤامرة قد انتهت بذلك فهو وَاهِمٌ أو مُغفلٌ, أو هو خادعٌ مُخادع.

لأن المؤامرة ما زالت مستمرة, ولأن المتآمرين على اختلافِ توجُّهاتِهم, وعلى اختلافِ أجناسِهم, وعلى اختلافِ ايديولوجياتِهم, لأن المتآمرين عندهم مِن الخُططِ البديلة ما يظهرُ عند فشلِ الخطةِ التي يستقدمونها.

وهُم مِن البدايةِ يُعِدُّون خُطةً وخُطةً وخُطة؛ فإذا فشلت الأولى, لجئُوا إلى الثانية بطريقة تلقائية.

قد لا يظهر ذلك عند كثير من الناس؛ لأن النصر يجعل الزهوَ في النفس قائمًا, ولأن الإنسان إذا منَّ الله –تبارك وتعالى- عليه بإفشالِ خُطةِ عدوه, وبإحباط كيده ومكره –لأن الإنسان حينئذ- يشمخ بأنفه, ويتعالى عن النظر تحت قدميه, ليُبصِر مواضع أقدامه, ويعتقدُ –غير صادقٍ- أنه قادرٌ على وطءِ كل قوةٍ تعترض سبيله, ولا يلتفت إلى النَّخرِ الذي يجري في عظامه, ولا ينتبه إلى المخاطر التي تحيط به مهددةً حياتَه.

الإنسان حينئذ يكون في غفلةٍ غافلة, وفي نشوةٍ غامرة, ولذلك إذا ما نُبِّه لا يَتَنَبَّه, وإذا ذُكِّر لا يَتَذَكَّر, وكثيرٌ جدًا من المصريين اليوم تحولوا مِن بعدِ ما وقع في الثلاثين من الشهر السادس(30/6), وفي الثالث من الشهر السابع(3/7) بعد ما أُزِيحَ حُكمُ الإخوانِ عن مصر المحروسة.

كثيرٌ من المصريين تحولوا, صاروا في الطرف المناوئِ للدولة, وكيانها, وجيشها, وأمنها, وهم يعلمون!!

تبدلت المفاهيم, كما تبدلت المواقع, وصار الخطر ماثِلا؛ لذلك يُحذَّرُ دائمًا من مخاطر الجيل الرابع من الحروب, ومن أدواته ووسائلة الخطيرة, وقد تسلل إلى كلِّ عقل, ودخل كلَّ بيت, بل صار في كل مخدع ما يتعلق بمواقعِ التواصلِ الإجتماعي.

إليك نموذجين: أحدهما أكبر محركات البحث على الانترنت, وأما الأخر فهو  أشهر مواقع التواصل الإجتماعي, ولهما صلةٌ مباشرةٌ بالثورة في مصر, وفي الباقي من البلدان على غِرَارِ ما وقع في مصر .

فأما الأول: فهو جوجل أشهر محركات البحث وأكبرها, وقد أسس شركة جوجل العملاقة ويملكها ويديرها إثنان هما [سيرجي برين] و [لاري بيج] وكلاهما يهودي.

وأحدهما [لاري بيج] جده لأمه, كان أحدالمهاجرين, ومن أوائل المستوطنين اليهود في فلسطين.

وأما [سيرجي برين] فهو روسيٌ هاجر أبواه وهو طفل, من روسيا إلى الولايات المتحدة.

يقول هو عن نفسه:

((إن أول من تلقاهم عند وصولهم إلى الولايات المتحدة كنيسٌ يهودى, يقوم على رعاية المهاجرين اليهود, وجمعهم في مجتمعات وٕاعانتهم، فآواهم ووفر لهم الرعاية, وتلقى برين دارسته الأولية في إحدى مدارس التوارة والتلمود, التابعة له قبل أن ينتقل إلى إحدى المدارس الأمريكية؛ ليتم دارسته للعلوم والرياضيات)).

ويقول [برين] عن نفسه, في حوار أعده معه [مارك مالسيد] في إحدى المجلات, وقد نشر الحوار في أبريل سنة سبعٍ وألفين (2007) قال:

((كنت أعيش دائمًا على أنني من الأقلية, ولم أشعر يومًا أنني أنتمي إلى الأغلبية,

وأعتقدُ أن هذا جزءٌ من ميراثي اليهودي)).

أما ما الذي أحيا فيه هذا الميراث, وحافظ عليه, ومنعه أن ينتمي إلى الأغلبية التي كون جوجل, وصار من أثرياء العالم بها بينهم، فيقول:

((حين كنت في الحادية عشر, زرت مع أبي وأمي إسرائيل, في رحلةٍ استغرقت ثلاثة أسابيع, أيقظت في داخلي الاهتمام بكل ما هو يهودي)).

وطاقم الإدارة الذي بدأت به جوجل عملها-ولا يزال- كله يهودي!!

ومن أبرزهم اليهودية [سوزان وجسيسكي] نائب رئيس جوجل لإدارة الإنتاج، وقد تزوج [سيرجي برين] من أختها [آن] في زفافٍ يهوديٍ تقليدي. 

و[آن] هذه  متخصصة في التكنولوجيا الحيوية, ساعدها زوجها [برين] على إنشاء شركةٍ متخصصة في تطبيقات التكنولوجيا الحيوية ترأسُها, وتستثمر فيها جوجل ملايين الدولارات، تبنت مشروعًا لإحياء التراث اليهودي في الولايات المتحدة, وتكوين روابط من اليهود لنشر الثقافة اليهودية بين التجمعات اليهودية.

وأما اليهودية [شيرل ساندبرج] فهى نائب رئيس جوجل للمبيعات والمعاملات عبر الإنترنت.

وفي سنة  ثمانٍ وألفين (2008) أصدر الحاخام [ليفي براكمان] بالاشتراك مع الصحفي اليهودي [سام جيف]  كتابً عنوانه (حِكَمٌ يهودية من أجل النجاح في العمل).

يقول [براكمان] و[جيف] في الكتاب:

((إن التوراة وكتابات الربانيين في التلمود, ليست مُرشدًا للحياة الدينية فقط، ولكنها تضع قواعد للنجاح في العمل)).

ثم أورد [براكمان] و[جيف] قواعد إرشادية؛ لممارسة العمل والنجاح فيه, هى نصوصٌ من التوراة والمدراش والقبالاه, ثم ضربا نماذج على نجاح من اتبعوا هذه التعاليم, وإزدهار أعمالهم, ونماء ثرواتهم، فكان من أوائلهم [سيرجي برين] و [شيرل ساندبرج].

وكيف لا؟ وهى تمول الأنشطة اليهودية داخل الولايات المتحدة, خاصة ما اتصل منها بإسرائيل، فأحد أوائل المؤسسات التي تدعم نشاطها, وتوجه إليها تبرعاتها, مركز التجمع اليهودي, وهو مركز ينص صراحة على:

أن مهمتنا تقوية الروابط بين اليهود الأمريكان, وبين إسرائيل, وبناء صلةٍ أعمق

بالمجتمع اليهودي!!

وفي سنة ثمانٍ وألفين (2008) انتقلت [ساندبيرج] إلى موقع فيس بوك, لتصبح الثانية في تسلسل القيادة داخله.

و[شيرل ساندبرج] متزوجة من اليهودي [دافيد جولدبرج] رئيس قسم الموسيقى في ياهو.

واليهودي [إليوت شراج] هو نائب رئيس جوجل للاتصالات والعلاقات العامة، وقد تبنى مع متحف الهولوكوست تكوين مشروعٍ لمكافحة التطهير العِرقِي في العالم, ووضعَ على رأس أعماله مكافحة التطهير العرقي في (دارفور), والذي تم عبرهُ توفير الخرائط والمعلومات عن (دارفور), وٕامداد الحكومات والمنظمات الدولية بها, مع تبني دعوةٍ لفصلها عن (السودان) واستقلالها.

واليهودي الإسرائيلي [يودي مانبر] الذي بدأ عمله رئيسًا للفريق العلمي في ياهو سنة ثمان وتسعين وتسع مئة وألف (1998), انتقل سنة ست وألفين (2006) إلى جوجل ليصبح نائب رئيس الشركة للشؤون الهندسية.

وهو الآخر يدير مشروعًا لنشر الثقافة -ثقافة التلمود- بين اليهود في الولايات المتحدة بالاشتراك مع الربي [لورنس كوشنر].

وأما عن صلة جوجل نفسها بإسرائيل:

ففي مايو سنة ثمانٍ وألفين (2008) دُعِيَ [سيرجي برين] و[لاري بيج]، مع مؤسس فيس بوك ورئيسه اليهودي [مارك زوكيربرج] ومُؤسَسةِ ياهو وصاحبتِه اليهودية [سوزان ديكر] إلى مؤتمرٍ عقد في إسرائيل, تحت رعاية رئيسها [شيمون بيريز]، وحَضرهُ نخبةٌ من رموزِ المجتمع في إسرائيل، وكان المؤتمر عن تكنولوجيا المعلومات, وآثارها على إسرائيل والعالم اليهودي.

وفي أعقاب المؤتمر قاما [برين] و [بيج] بجولةٍ في إسرائيل, وزارَا حائط البراق, وبكيَا

عنده, وهما يرتديان الطاقية اليهودية, وافتتحا فرعًا لجوجل في إسرائيل, وعهَدَا بإدارته إلى الإسرائيلي [مائير براند], وتعهدَا بتوثيق العلاقات والروابط بين جوجل وشركات الاتصالات الإسرائيلية، وبدءَا هذا التوثيق بالتبرع لتأسيسِ شركةٍ للاتصالات في إسرائيل هي R & D)).

وأما فيس بوك, أشهر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت, ومحلُ حشدِ أذهان العوام, وبث الأفكار فيها، والصورة الفضائية طبق الأصل من المحافل الماسونية الأرضية.

فقد أسسه سنة إثنين وألفين (2002) اليهوديان [مارك زوكيربرج] و [داستين موسكوفيتز] إيان دراستهما في (جامعة هارفارد), كموقعٍ للتواصل بين طلاب الجامعة, وعلى الشبكة الخاصة بها، ثم مدَّا نشاط الموقع إلى جامعتي (دورت ماوث) و (ستاندفورد) القريبتين من (هارفارد).

ومع ازدهار الموقع, وكثرة المشتركين فيه, لم تعد شبكة الجامعة قادرةً على الاتساع

له؛ فقام المؤسسان بإعادة تصميم الموقع على شبكة الإنترنت الدولية, مع جعله متاحًا للجميع.

يقول [أريل هاسيت] في مقالة كتبها في صحيفة (ها آرتس) الإسرائيلية:

((إن [زوكبربرج] كان عضوًا معي في منظمة يهودية هى (جمعية بيت هليل), وهى جمعية تضم طلاب (هارفارد) من اليهود, وتمارس أنشطة مختلفة, هدفها نشر ثقافة التوارة في التجمعات اليهودية)).

ويقول [هاسيت]:

((إن [زوكيربرج] منذ ازدهار فيس بوك يخصص جزء سنويًا من أرباحه, يتبرع به للمؤسسات الاجتماعية في إسرائيل)).

و[أريل هاسيت] هو زميل [زوكيربرج] في (هارفارد), وصديقه الذي كان يقيم معه في مسكنٍ واحد, مع خمسة آخرين من طلاب (هارفارد) اليهود، وهو أول مستخدمٍ لفيس بوك بعد مؤسِّسَيْهِ [زوكيربرج] و [موسكوفيتز].

و[هاسيت] نفسه كانت دراسته في (هارفارد), في قسم التاريخ, عن تاريخ أرض إسرائيل, وبعد تخرجه هاجر إلى إسرائيل وانضم إلى الجيش الإسرائيلي.

وكلُّ مَن يعملون في إدارة فيس بوك -مثله مثل جوجل- من اليهود، غير أن في طاقم إدارة فيس بوك صفةً أخرى زائدة فوق أنهم يهود، تعرِفهَا من الحوار الذي أجرته (شبكة ABC) مع [مارك شنيت] مدير العلاقات العامة والمتحدث باسم فيس  بوك, وكان الحوار سنة تسعٍ وألفين (2009).

 يقول: ((الكثير منا هنا في فيس بوك, لهم صلاتٌ شخصيةٌ مباشرة بالهولوكوست, عبر

آبائنا الذين اضطروا للهجرة من أوروبا, فرارًا من الاضطهاد النازي, أو عبر أقاربنا

الذين ماتوا هناك ولم يتمكنوا من الهرب)).

ومن أمثلة هؤلاء الذين جمع بينهم فيس بوك، ممن لهم صلة بالاضطهاد النازي والهولوكوست, عبر آبائهم وأقاربهم، [جيم برير] و [مارك أندريسن] و [شنيت] نفسه.

فإذا تساءلت: وما الذي جعل فيس بوك يحتضن أبناء ضحايا النازي, وأقاربهم خاصة دون باقي اليهود عامة؟

فالإجابة:  لأن الرجل الذي خَلفَ [زوكيربرج] و [موسكوفيتز]، وهو الذي صنع بأمواله

فيس بوك، كانت أسرته من ضحايا النازي.

في الرابع عشر من يناير سنة ثمانٍ وألفين (2008) نشرت (صحيفة الجارديان البريطانية) دراسةً بعنوان: (الرجال الذين خلف فيس بوك) قالت فيه:

(( إن الوجه الحقيقي خلف فيس بوك هو الرأسمالي, وأحد ملوك وادي السيلكون

[بيتر ثيل], وهو يهوديٌ ألماني الأصل, فَرَّت أُسرته من أوروبا هربًا من الملاحقة النازية

لليهود, واستقرت في الولايات المتحدة)).

و[بيتر ثيل] يهوديٌ أصيل، لا يحب العمل إلا مع اليهود، وأطقم الإدارة في كل استثماراته وشركاته يهود! وهو يتبرع بسخاءٍ للمنظمات, والجمعيات, والتجمعات اليهودية، ويجاهد من أجل نشر الثقافة اليهودية بينها وربطها بإسرائيل, وهو نفسه متعدد الزيارات لإسرائيل، وهو زميلٌ في (معهد أديلسون) للدراسات الاستراتيجية في القدس، الذي أنشأهُ ويرأسهُ نائب رئيس وزراء إسرائيل الأسبق [ناتان شارانسكي].

وهو معهد يقول في التعريف بنفسه إن مهمته هى:

((تطوير المبادئ الاستراتيجية الضرورية, للتعامل مع التحديات التي تواجه إسرائيل والغرب وصياغتها ودعمها، فإسرائيل هى الدرع أمام الحد القاطع للتحديات, والمخاطر التي تهدد الحضارة الغربية)).

هؤلاء كلهم أعداؤكم.. أعداء دينكم, وأعداء نبيكم –صلى الله عليه وآله وسلم-.

هؤلاء كلهم من اليهود صهاينة, وعقيدتهم أنكم لستم من البشر!!

أنتم أُمميون -جويير كما يقولون- خلقوا من أجل خدمة الجنس السيد!! –الجنس اليهودي-

لذلك يعاملون هؤلاء الناس –أيْ مَن ليس يهوديًا-, يعملونهم معاملةً أقل من معاملة الكلاب, ويقولون إنما نبذلُ لهم الفتات الذي يتناثر من موائدُنَا.

دماؤهم حلال! ويتقربون بسفكها إلى الله!

وأموالهم حلال! يتقربون بنهبها إلى الله!

إلى إلههم الذي يعبدون, والله –جل وعلا- برئٌ من هذا كله.

هؤلاء كلهم أعداؤكم, وهم يعملون الآن لا في الخفاء, وإنما على قارعة الطريق! مؤمراتهم مكشوفة!

ومَن له علاقةٌ وصلةٌ, بما يحدث على مواقع التواصل الإجتماعي, يعلم يقينًا أن هنالك حربًا دائرةً على الدولة المصرية, ميادينُها تلك المواقع.

يستقطبون الناس.. يشوهوون أفكارهم..

يستلبون عقولهم.. يبددون طاقتهم..

يوجهونهم إلى المسار اليهودي –علموا أم لم يعلموا-!.

شيءٌ محزن, يكاد يقتل النفس ويبخؤها حزنًا وموجدةً.

هذه الأُمَّة, أُمَّةٌ مرحومة..

هذه الأُمَّة, تمتلك وحدها, الوحي المعصوم الذي لم يبدل منه حرف..

هذه الأُمَّة, طريقها واضح, محجتها بيضاء, هي الجادة المستقيمة..

هذه الأُمَّة, لا تحتاج أكثر من أن ينتبه أبناؤها, فهل ينتبهون؟!!

إنهم يشاركون بجدٍ واجتهاد, في الصباح, وفي المساء, وما بين ذلك, يعكفون على مواقع التواصل الإجتماعي, عكوف العابدِ على صنمه في كل وقت وحين!!

حتى في الشوارع!! في الموصلات!!

في العمل!! في المؤسسات, والوزرات, والقطاعات!!

يُكِبُّون على تلك المواقع تفسدهم!! وتوجههم!!

يدعون خيرها, ويأخذون شرها!!

وهم لا يرعَوون!! كأنما استلبت عقولهم!!

والأيام القادمة حُبلَى فيا تُرَى ما تلد؟!

إن المؤامرة ستظهر بصورةٍ أخرى, قد لا تتكرر على الصورة التي مرت, وهذا منطقي؛ لأن الناس قد تعلم بعضهم شيئًا –بعضهم!!- لذلك لابد من أن تتغير المؤامرة...

فيا تُرى سيأتي الخطر هذه المرة من أين؟ أم يسلم الله رب العالمين مصر وأهلها؟

استعينوا بالله, تفهموا الواقع الذي تعيشونه, تعرفوا على مواطن الخطر ومكامنه..

اتقوا الله رب العالمين في أنفسكم.. في دينكم.. في أعراضكم.. في بلدكم وترابكم.. في وطنكم.

اتقوا الله رب العالمين في مستقبل أبنائكم وحفدتكم, لا تكونوا كالتي نقدت غزلها من بعد قوة أنكاثًا.

اتقوا الله رب العالمين فيما أتاكم, ونعَّمَكم به, واستعملوه لوقاية البلد المسلم من المخاطر  الأتية, والتي تحاك المؤمرات من أجل إشعال النار بسببها في هذا الوطن الآن.

نجَّ الله مصر وأهلها, وجميع بلدان المسلمين, وحفظ بلدنا وجميع بلدان المسلمين من كل خطرٍ وسوء.

وَصَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.