وجاء دور المجوس

للاستماع للمحاضرة

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

ففي ((صحيحِ ابنِ حِبَّان)) و((تاريخِ الإمامِ البُخاري)) –رحمهما الله تعالى- عن حُذيفةَ –رضي الله تعالى عنه- قال: سمعتُ رسولَ اللهِ –صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ, حَتَّى إِذَا رُأَيَت عَلَيْهِ بَهْجَتَهُ، وَكَانَ رِدْءًا لِلْإِسْلَامِ؛ غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ؛ فَانْسَلَخَ مِنْ دِينهِ وَجَعَلَهُ خَلْفَهُ ظِهْرِيًّا، وَعَمَدَ إِلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ, وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ)).

قَالَ حُذيفَةُ: قُلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّهُمَا أَحَقُّ بِالشِّرْكِ الرَّامِي أَوِ الْمَرْمِيِّ؟

قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: ((الرَّامِي)).

والحديثُ حسَّنَهُ الألبانيُّ في ((السلسلةِ الصحيحة)).

فهذا الحديثُ الثابت يخبرُ فيه النبيُّ –صلى الله عليه وآله وسلم- أنَّ فئةً مِنْ المسلمينَ ومِن بَنيهم سوفَ يقرءون القرآن، حتى إذا ظهرت عليهم بهجةُ هذه القراءة وأصبحوا رِدءًا للإسلام؛ طرأَ عليهم الشيطانُ الرجيم؛ فغيَّرَ فِطرَهم، فغيَّروا دينَ اللهِ –عزَّ وجل- إلى ما شاءوا من الأهواءِ التي رَكِبُوها والأفكارِ التي انتحلوها، فانسلخوا مِن الدين وجعلوه خَلْفَهم ظِهْريًّا، ومِن صورِ ذلك أنهم عَمدوا إلى جارِهم بالسَّيف -أي: قاتلوا أهلَ بلدهم ورَمَوهم بالشِّرك-.

فهؤلاء ليسوا غَريبين على هذه الأمة، لقد خرجوا يومَ أنْ كان النبيُّ –صلى الله عليه وآله وسلم- بين ظَهرَانيَها، فقال إمامُ أولئك لرسولِ الله –صلى الله عليه وآله وسلم-: يا مُحَمَّد؛ اعْدِل.

فقال –صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا مَنْ تَحْقرونَ صَلاتَكم عند صَلاتِهم وصيامَكم عند صيامِهم يَمْرُقُونَ مِنَ الإسلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة)).

أخرجاهُ في ((الصَّحيحين)).

لقد وظَّف الشيطانُ هؤلاءِ لأيِّ شَيء، وظَّفَهم للقضاءِ على كلِّ اجتماعٍ للمُسلمين، وَظَّفَهُم لضربِ المسلمين مِن الداخل، فَهُم يقتلون أهلَ الإسلام ويَدَعون أهلَ الأوثان.

كان الناسُ قد اجتمعوا على عثمانَ –رضي اللهُ تعالى عنه-، فلم يَرْض هؤلاء حالَه، فقتلوه –رضي اللهُ تعالى عنه- في قصةٍ مأساويةٍ يَعْلَمُهَا المسلمون، مازالت قلوبُهم ممسوسةً بسببِهَا، وجاءَ الخليفةُ بعدَهُ عليُّ بن أبي طالبٍ –رضي الله عنه-؛ فقتلوه في صورةٍ مأساويةٍ كذلك.

وجاءَ الخليفةُ الراشد الخامسُ عمرُ بن عبد العزيز –رحمهُ الله-؛ فخرجوا عليه وقاتلوه وزعموا أنَّهُ مشركٌ بالله مُغَيِّرٌ لحُكمِ الله –عز وجل-.

فهم كما قال وهب بن مُنَبِّه: ((قومٌ لا يُرضيهم أنْ تجتمعَ كلمةَ المسلمين ولا أنْ تَتَّحِدَ صُفُوفُهم)).

فهؤلاء شرٌّ في جَسَدِ هذه الأمة كالأمراضِ التي تطرأُ على جسدِ كلِّ واحدٍ منَّا، علاجُها بإصلاحِها وطلبِ الدواءِ لها، فإن لم تنجع هذه الأدوية في شفائِها بعد أمرِ اللهِ –عز وجل-، فآخرُ العلاجِ الكيِّ، والاستئصالُ من أورامٍ خبيثةٍ ونحوِها؛ لأنَّ ذلك نوعٌ مِن أنواعِ علاجها.

لقد مرقوا مِن الإسلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة، خالفوا النصوصَ المُحكماتِ الواضحاتِ في كتابِ اللهِ –جلَّ وعلا- وفي سُنةِ النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- لمجردِ أفهامٍ كاسدة وظنونٍ باطلة، لمجردٍ شُبَهٍ كبيوتِ العنكبوت.

قال –جل وعلا- في وصفهم: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7].

وقد صَدَقَت هذه الآيةُ على الخوارج، وفسَّرَها السلفُ –رضي اللهُ تعالى عنهم- من الصحابةِ والتابعينَ بالخوارج، وهي أيضًا مُتَنَزَلةٌ على غيرِهم من أهلِ الأهواءِ والزَّيْغِ والبِّدع؛ لأنهم يلتمسونَ مُتشابهاتٍ في القرآن، فيضربونَ بها الأمورَ المُحكمات، يضربونَ بها النصوصَ المُحكمة والأمورَ المُجمع عليها.

هؤلاءِ الذي يقومون به من عَمْل؛ هل هو جهادٌ في سبيل الله؟

والله لو عُرِضَ هذا على أهلِ كلِّ مِلَّة، لو عُرض على كلِّ أصحابِ الفِّطَرِ السليمة؛ لأخبروا أنه غدرٌ وخيانة وأنه جُبنٌ وذُل، والشرائعُ لا ترضى به، والإسلامُ على رأسِ هذه الشرائعِ المنَزَّلة وهو خاتمُها، جاء بتحريمِ هذه الأعمال وبالنهي عنها، وبجعلِها في مصافِّ الغدرِ والخيانة.

وأيُّ جنايةٍ جنى هؤلاء على الإسلام؟

وأيُّ جنايةٍ جنى هؤلاء على العرب؟

إنَّ العربَ في جاهليتِهم لم يعرفوا هذه الألوانَ مِن الغدر، مَنْ أعطَوه الأمان أو أعطاهُ بعضُهم الأمان؛ يدفعون دمائَهم دونَهُ، ولو كان ضدهم في كلِّ مَبدأ، وأهلُ الإسلامِ أكَّدَ عليهم الإسلامُ ذلك، ورسَّخَهُ في نفوسِهم أكثر، فهؤلاء لا قِيَمَ الجاهليةِ رَعَوا، ولا لمبادئِ الإسلامِ حَفِظوا.

قال اللهُ –جلَّ وعلا- في سورة الحج: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38].

لو أنك ذهبت إلى ((تفسير القرطبيِّ)) -وهو مالكيٌّ من علماءِ الإسلام وليس من علماءِ السُّلطة، فقد تُوفيَ قبل سبعمائة سنة؛ يقولُ –رحمه الله-: ((رُوي أنَّ هذه الآية نَزلت بسببِ المؤمنين لمَّا كَثُروا في مكة وآذاهم الكفار، فهاجر مَن هاجرَ إلى الحبشة؛ ومَنْ بَقيَ بمكة قالوا: إننا سوف نقتلُ مَن أمْكَننا مِن الكفار، وسوف نغتالُ ونَغْدِرُ ونحتال؛ فأخبرهم اللهُ –عز وجل- بأمرهِ وحكمتهِ، أخبرَهُم أنه ليس في حاجةٍ لنشرِ الدينِ بهذه الطُّرقِ الوضيعة؛ فقال –جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}، فهو المتكفلُ بالدفاعِ عنهم، وبحفظِ دينهِ إلى أنْ تقومَ الساعة، أما هذه الطُّرق؛ فاللهُ –عز وجل- قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}.

قال الإمامُ القرطبيُّ –رحمهُ الله-: فهذه الآية أفصحُ نصٍّ في النهي عن الغدرِ والتحذيرِ منه)).

يرومون أنْ يَدْعوا إلى الإسلام بغير هدي مُحمد –صلى الله عليه وآله وسلم-، ألا خابوا وخسروا، هؤلاء لا يُعجبُهم أحدٌ من الناسِ مهما بلغَ في الصلاحِ والاستقامة.

روى ابن مردويه أنَّ أحدَ هؤلاء الخوارج –أحد هؤلاء أجداد هؤلاء الذين يُفجِّرون ويغتالون-، جاء إلى سعدِ بن أبي وقاصٍ –رضي اللهُ عنه-؛ فقال له: أنت من أئمة الكفر.

فقال سعد –رضي الله عنه- صاحبُ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم ورضي اللهُ عنه-: ((كَذَبْتَ، ولكنني قاتلتُ أئمةَ الكُفر)).

أبو أيوب الأنصاريُّ –رضي الله عنه- الإمامُ الصحابيُّ المُجاهد جاهد هؤلاء الخوارج، فتابعَ أحدَهم في معركةٍ مشهورةٍ بين الصحابة وبين الخوارج فشجَّهُ برُمحهِ، فدخل بين كَتفيه.

قال أبو أيوب –بكلِّ ثقة- لِما يعلمه يقينًا عن رسولِ اللهِ –صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أبشر يا عدو اللهِ بالنَّار)).

فماذا قال له هذا الخارجي وهو في حالِ الاحتضار؟

تأملوا في إقامةِ هؤلاءِ على ما هُم عليه من التَّعَصُّبِ الأعمى بعقولٍ مُغلقة وقلوبٍ مُصمتة، لا ينفُذُ إليها شعاعٌ مِن الإيمانِ ولا مِن العلم.

التفت والرمحُ في ظهره؛ فقال لأبي أبو أيوب –رضي الله عنه-:

((ستعلمُ غدًا مَنْ أولى بها صِليًّا –يعني: إنكم أيُّها الصحابة أولى منَّا بالنار، ونحن آلُ الحق-)).

فهكذا هم عياذًا باللهِ ولياذًا بجنابهِ العظيم.

أيها المسلمون؛ الأدلةُ الجليَّةُ في الكتابِ العزيز تُبيُّن أنَّ ما يقومُ به هؤلاء باطلٌ وضلالٌ مُبين:

قال اللهُ –جلَّ وعلا- في الوصايا العشر في سورة الأنعام: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151].

والنَّفْسُ التي حرَّمَ اللهُ قَتْلَها هي المعصومةُ بالإيمان أو بالأمان.

القاتلُ الذي تَعَمَّدَ أنْ يقتلَ خارجًا من صلاةِ الفجر على بابِ المسجد؛ هل صلَّى الفجر معه؟

وهل إذا كان قد صلَّى معه الفجر؛ هل هذا هو خَتْمُ صلاتِه، وهو يضربهُ بدمٍ باردٍ بالرصاصِ في رأسه؟

كيف حكَمَ عليه بالكُفر؟

كيف استباحَ دمَه؟

قال رسولُ الله –صلى الله عليه وآله وسلم- فيما رواه أبو سعيدٍ وأبو هريرة معًا –رضي الله عنهما- قال النبيُّ –صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ؛ لَكَبَّهُمُ اللَّهُ -عَزَّ وجلَّ- فِي النَّار)).

قال المُناويُّ: ((لو أنَّ أهلَ السماءِ وأهلَ الأرضِ اشتركو في دمِ مؤمنٍ –أي: في سفكهِ ظُلمًا- لَكَبَّهُمُ اللَّهُ –عَزَّ وجلَّ- على وجوهِهم، كما في روايةِ الطبراني –في النار –نار جهنم-، وفي رواية: بدَلَ لكبَّهم : لعذبَّهم اللهُ بلا عددٍ ولا حساب)).

قال الطِّيبيُّ: ((لو: للمُضِّي، وأنَّ أهلَ السماء: فاعلٌ والتقدير:  لو ثبت اشتراك أهل السماء والأرض إلى آخر الحديث.

وكبَّهم بغير همزٍ: هو ما في أكثر الروايات وهو الصواب، وفي روايةٍ بهَمْز؛ قال الجوهري: ((وهو  من النوادر)).

وقال الزمخشريُّ: ((لا يكون بناءُ فِعلٍ مطاوعًا بفعلٍ؛ بل همزة أكبَّ للصيرورة –أي: للدخول-، فمعناه: دخل في الكبِّ)).

الحديثُ أخرجهُ الترمذيُّ في ((سُننهِ)):

وسببهُ كما في ((المعجم)) للطبراني، عن أبي سعيدٍ –رضي الله عنه- أنه قُتل قتيلٌ على عهدِ النبي –صلى الله عليه وسلم-، فصعد المنبر، فخطب؛ فقال: ((ألا تعلمون مَن قتله؟))

قالوا: اللهم لا.

فقال: ((والذي نفسُ مُحمدٍ بيده، لو أنَّ أهلَ السماءِ وأهلَ الأرض اشتركوا في دمِ مؤمنٍ لأكبَّهم الله –عز وجل- في النار)).

وقال الصنعنانيُّ في ((التنوير)): ((لو أنَّ أهلَ السماءِ والأرض اشتركوا في دمِ مؤمن ظلمًا؛ لأكبَّهم اللهُ في النار.

وفي ذِكرِ الملائكة مع عِصمتهم: جواز فرض ما لا يكون، وفيه تعظيم قتل المؤمن؛ ولِذا قيل: لا توبة لقاتله.

وظاهر الحديث: ولو اشتركوا بالقولِ ولم يُباشروا؛ لأنه يتعذرُ مباشرةُ الكُلِّ للقتلِ مِنْ الملائكة والجنِّ والحُرِّ عادةً)).

وهو كما قال، فالتحريضُ قَتْل، كما قال رسول الله: ((اشتركوا))، مع أنهم لم يُباشروا، ولكنَّهم أزُّوا شياطينَ الإنسِ على الفِعْلِ؛ فنُزِّلوا منزلتَهم.

فأولئك في تركيا وقطر وفي الداخلِ والخارجِ من رؤوسِ الفتنة يُحَرِّكون الصغار، أولئك الذين لا يفقهون، ورُبُّوا على السمعِ والطاعة، وهم لا يعلمون في دينِ الله –جلَّ وعلا- قليلًا ولا كثيرًا، وإنما هُم كالأحجارِ على رُقعةِ الشِّطْرنج، يُحرِّكونهم بالأوامر فيأتمرون، يأمرونهم أنْ يفعلوا؛ فإذا هُم فاعلون.

هؤلاء سَلْ الواحدَ منهم –وينبغي عليهم أنْ يتوقفوا قليلًا ليتذكروا- إنَّ الذين يُحرِّضونهم ويأزُّونهم على إراقةِ الدماء يحيَون حياةً مُنعَّمة، تُغْدَقُ عليهم الأموالُ إغداقًا، هؤلاء يحيَونَ حياةً ما كانوا يحلمونَ بها، تُنفقُ عليهم قطر، وتنفق عليهم تركيا، وتُنفقُ عليهم المؤسساتُ المالية التي تَتْبَعُ الإخوانَ وغيرَهم من القطبيين والتكفيريين، تُنفقُ عليهم ببذخ، وهم يحيَون الحياةَ المُنعَّمة، وأولادُهم في أمان، وأُسرُهم في أمان، ويُحَرِّكون الصغارَ والأفراد، الذين ينبغي عليهم أن يتوقفوا ليسألوا:

أنت تُنفِّذُ القتلَ باسم مَنْ؟

رجلٌ صلَّى الفجرَ في جماعة في المسجد.

القاتلُ –أغلبُ الظنِّ- أنه لم يُصلِّي الفجر أصلًا، ولو أنه صلَّى الفجرَ ثم تَبِعَ هذا المقتول ليقتلَهُ على بابِ المسجدِ بإطلاقِ الرصاصِ على رأسهِ بدمٍ بارد.

مَن الذي خَوَّلَهُ بالقتل؟!

حاكمٌ للمسلمين! وهو سلطةٌ التنفيذ؟!

أُقيمت حُجة؟!

ثبتت إزاغةٌ عن المَحجة؟!

أُتي بالآيات والأحاديث؟!

أيُّ شيءٍ هذا وأيُّ عَبث!!

وأولئك المقتولون مِن المُجنَّدينَ وغيرهم، هنا وهنالك؛ ما ذنبُهم؟

بأيِّ ذنبٍ قُتلوا؟

هؤلاء الشباب خرجوا يحمونَ الأرضَ؛ يحمونَ العِرض؛ يحمونَ الدين؛ بكلِّ غالٍ وثمين، هؤلاء بأيِّ ذنبٍ يُقتلون؟

قال رسولُ الله –صلى الله عليه وآله وسلم- فيما رواه العُرسُ بنُ عَمِيرة وأخرجه أبو داود وغيره –والعُرس بن عَميرة الكندي؛ قال ابن حجر: ((قيل عَميرة أمه، واسم أبيه قَيس بن سعيد بن الأرقم))-، قال رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا عُملت الخطيئةُ في الأرضِ، كان مَنْ شَهِدها فكَرِهَها كمَن غابَ عنها، ومَنْ غابَ عنها فرَضيَها كمَن شَهِدها)).

قال المناويُّ: ((إذا عُملت: بالبناءِ للمجهول، الخطيئة: المعصية، في الأرض،

كان من شهدِها: أي حضرها، فكرهها بقلبه وفي روايةٍ: أنكرها؛ كمن غاب عنها: في عدمِ لحوقِ الإثمِ له، والكلام فيمن عجزَ عن إزالتِها بيدهِ أو لسانه.

ومن غاب عنها فرضيَها: لفظ رواية ابن حبان: فأحبها؛ كان كمن شهِدَها: أي حضرها، في المشاركة في الإثم وإن بعُدت المسافةُ بينهما؛ لأنَّ الراضي بالمعصيةِ في حكمِ العاصي)).

فأولئك الذين يُهلِّلون على مواقعِ التواصلِ وغيرِها لقتلِ مؤمنٍ؛ لقتلِ مسلمٍ؛ لقتل روحٍ بريئة  وإزهاقها، هذا كمن شَهِدَها فرَضيَها، هذا الذي أحبَّها كمَن شَهِدَها فرَضيَها كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم-.

الصورةُ الأولى: فيها إعطاءُ الموجودِ حُكم المعدوم، والثانيةُ: عكسها.

قال الراغب: ((والخطيئةُ والسيئةُ متقاربان، لكنَّ الخطيئةَ أكثرُ ما تُقال فيما لم يَكُن مقصودًا إليه في نفسهِ؛ بل يكون القصدُ سببَ ضد ذلك الفِعْل بخلافِ السيئة)).

النبيُّ –صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إذا عُملت الخطيئةُ في الأرضِ، كان من شَهِدها فكَرِهها كمن غاب عنها – في عدمِ لحوقِ الإثمِ به-، ومَن غاب عنها فرضيَها كان كمَن شَهِدها)).

قال الصنعانيُّ في ((التنوير)) في ((شرحِ الجامعِ الصغير)): ((من شَهِدها: مِن الشهود وهو الحضور؛ فكرهها: لبُغضِ الربِّ تعالى لها، كمن غاب عنها: في أنه لا إثم عليه ولا عقاب، وهذا حيث لم يمكنه إنكارُها باليدِ ولا باللسان، وإنما أنكرَها بالقلبِ كراهةً لها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها: أي حضرها وشَاهدَها غير منكرٍ لها ولا كاره؛ أي يكون برضائهِ بها ومحبتهِ لها في الإثمِ والذنبِ مِثلًا لهم؛ لأنَّ الرضا بالقبيحِ قبيح، وفيه دليلٌ على أنَّ أعمالِ القلوبِ كأعمالِ الجوارحِ في الإثمِ وعدمهِ وحديث: ((يُحشر المرءُ مع من أحب يؤيد هذا)).

وهو في ((الصحيحين))، قال: يؤيد هذا حديث رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يُحشر المرءُ مع من أحب)).

أيها المسلمون؛ نحن في هذا المجتمعِ في سفينةٍ واحدة، إنْ غَرِقت هذه السفينةُ هَلَكَ الجميع، وإنْ نجَت هذه السفينةُ نجا الجميع، والسفينةُ التي  نحيا فيها تُقِلُّنَا، لا نقولُ إنها كاملة، لا نقولُ إنها تامة، بل النقصُ موجود، ولكنْ حَسْبُها أنَّها تسير، تَمْخُرُ العُبَاب، تستمرُ في العطاء، فإصلاحُها والقيامُ على تقويمِها هو شرعُ اللهِ –جلَّ وعلا-، لا تدميرُها ولا إغراقُها حتى يغرقَ الناسُ جميعًا.

اتقوا اللهَ أيها المسلمونَ في هذا الخير، الذي أجراهُ اللهُ –عز وجلَّ- على أيديِكُم، احفظوه يحفظكُم اللهُ –عز وجل-، لا تكونوا كالذين كفروا نعمةَ اللهِ –جلَّ وعلا-، وأرادوا أنْ يُبَدَّلَهم اللهُ –عز وجلَّ- بالأمنِ خوفًا وبالنعمةِ كُفرانًا؛ فتضلّوا في الدنيا وتَشْقَوا في الآخرة.

اتقوا الله أيها المدرِّسون، أيها الآباء، أيها الوعَّاظ، أيها المُذَكِّرون، أيها العلماء، أيها الإعلاميون، اتقوا اللهَ في أنفسِكم بتبليغِ الناس دينَ اللهِ –عز وجل- الصحيح، اتقوا الله –عز وجل- في أُممٍ ورائَكم تريدُ أنْ تتعرفَ على هذا الدين القويم، فعليكم ألا تتعرف هذه الأممُ على دينِكم إلا عن طريقِكم أيها الأُمناء، الذين تنقلونه بصورةٍ صحيحةٍ مُستقيمة.

دَعُوا عنكم مَن هو غاضبٌ لأجلِ نُقصانٍ في راتب أو معاش، دَعُوا عنكم من يكون الحقدُ قد ملأ قلبَهُ؛ لأنَّ فلانَا تصدرَ المسئوليةَ وهو نُحِّيَ عنها، فهؤلاء حظُّهم الدنيا فقط، أما أهلُ الآخرة فلا يأبهونَ بهذه الدنيا ولا يلتفتون إليها؛ ولهذا يَتِّبِعون النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما يستأثرُ بالمالِ من يستأثر به؛ ألا ينظروا إلى هذا الاستئثار، وألا ينتقموا لأنفسِهم وإنما يكون هَمُّهُم أنْ ينشروا دينَ اللهِ –عز وجل-، وأن يُقيموا الحجةَ على عبادهِ أجمعين.

ألا إنَّ التحديات عظيمة، ألا إنَّ المسئوليةَ جسيمة، وأنتم في مَفْرِقٍ من مفارقِ الطرق التاريخية، إما أنْ تكونوا أو لا تكونوا، أيها المصريون: إما أنْ تكونوا أو لا تكونوا.

ألا فاعلموا أنَّ البابَ الذي يُفتح رِِتاجهُ بعد ضربةِ المِعْوَلِ الخمسين، لا يمكن لعاقلٍ أنْ يُنكر أثرَ الضربةِ الأولى، فهذه التراكمات مما يقعُ هنا وهناك مؤثرةٌ فاعلة؛ لأنَّها روافدُ تَصُبُّ في خانةٍ واحدة، فلا تنظروا إليها باستخفافٍ ولا استهانة.

اتقوا الله، اتقوا الله في أنفسِكم، اتقوا الله في مستقبلِ أبنائِكم وحفدتِكم، اتقوا الله في أعراضِكم، إنهم لن يرقبوا فيكم إلًّا ولا ذِمَّة، ألم تسمعوا ما قالوه: لقد انقسمَ المجتمعُ المصريُّ إلى فِسطاطين: فسطاط كُفرٍ وفسطاط إيمان.

الفسطاط الأول: هو فسطاطُكم، أهل الرِدَّةِ والكُفر والخروج عن الدين!!

والآخر: هم أهل الإيمان من الخوارج!! الذين نسألُ اللهَ أنْ يعاملَهم بعدلهِ.

اتقوا الله في أنفسكم، تأملوا فيما حَولَكم، وانظروا فيما يصنع أهلُ الشرِّ بأدواتِ الشرِّ في العالِم من أجلِ أنْ يخنقوكم وأنْ يُضيِّقوا عليكم.

تعصف عاصفةُ الحزم ب ((الحوثيين)) في اليمن:

وهم فرعُ ((حزب الله اللبناني)) في لبنان، وحزبُ اللهِ وكيلُ المجوسِ في نشر دينِ الشيعة وإعادةُ أمجادِ الإمبراطوريةِ الفارسيةِ المجوسية.

فالحوثيون: هُم في الحقيقة الذراعُ المجوسيةُ في جنوبِ الجزيرة، ورأسُ الحربةِ الآن في تحقيقِ أحلامِ المجوس بإعادةِ الإمبراطوريةِ الفارسيةِ المجوسيةِ إلى الوجودِ من جديد.

وبالرغمِ مما يؤكدهُ  قادةُ الحزب –حزب اللات- بأنه لُبناني ونشأ لُبنانيًّا، وجاء الدَورُ السوريُّ والإيرانيُّ لاحقًا، إلا أنَّ المعطيات تؤكد أنَّ إيران لعبت دورًا أساسيًا في ولادتهِ ونشأتهِ ونمُّوهِ، وتصريحاتُ قادةِ الحزبِ وميثاقهِ تؤكدان دومًا التبعية للثورةِ الإيرانية ومرشدِها، وصورُ قادةِ إيران وعَلَمُهَا تسيطرُ على مرافقِ وفعاليات الحزب.

وتتميز العلاقةُ بين حزبِ اللهِ وإيران بتداخلِ البُعدين السياسيِّ والدينيِّ فيها، فاللبنانيونَ الشِّيعة الذين يُمثِّلون كوادرَ حزبِ الله تربطُهم بالمرجعياتِ الدينيةِ الإيرانيةِ روابطُ روحيةٌ عميقة، ويُعتبرُ ((مُرشدُ الثورةِ الإيرانية)) أكبرَ مرجعيةٍ دينيةٍ بالنسبةِ لهم، ويُسمَّى أمين عام حزب الله ((حسن نصر اللات)) الوكيل الشرعي لآيةِ اللهِ في إيران..

يقول: ((إننا نرى في إيران الدولةَ التي تحكمُ بالإسلام، والدولةَ التي تناصرُ المسلمينَ والعرب، وعلاقتُنا بالنظامِ علاقةُ تعاون، ولنا صداقاتٌ مع أركانهِ ونتواصلُ معه، كما أنَّ المرجعيةَ الدينيةَ هناك –أي: في إيران كما يقول نصر اللات- تُشكِّلُ الغطاءَ الدينيَّ والشرعيَّ لكفاحِنا ونضالِنا)).

ويقول ((إبراهيم الأمين)) الناطق باسم حزب الله:

((نحن لا نقول: إننا جزءٌ مِن إيران؛ نحن إيرانُ في لُبنان ولُبنان في إيران)).

يقول ((حسن سرور)) أحدُ قادة الحزب:

((نُعلنُ للعالَمِ أجمع أنَّ إيران هي أُمُّنا وديننا وكعبتُنا وشرايينُنا)).

ويزيد ((عباس موسوي)):

((كلنا أخوةٌ ونقاتلُ مِن أجلِ القضيةِ نفسِها، وكلُّ من يحاولُ التفرقةَ بينا وبين إخوتِنا الإيرانيين أو بين المسلمينَ عمومًا فإنه يرتكبُ جريمة)).

في ذِكرى أسبوعِ أحدِ موظفي السفارةِ الإيرانيةِ ببيروت ((مصطفى توراني))؛ قال ((حسن طرَّاد)) إمامُ جُمعة مسجد الإمام المهدي:

((إنَّ إيرانَ ولبنان شعبٌ واحد وبلدٌ واحد، وكما قال أحدُ العلماءِ الأعلام: إننا سندعم لبنان كما ندعمُ مقاطعاتِنا الإيرانية سياسيًا وعسكريًا)).

وقد جاءَ في بيانٍ صادرٍ عن الحزب في السادسَ عشر من فبراير سنة خمسة وثمانين وتسعمئةٍ وألف (16 فبراير 1985):

 ((أنَّ الحزبَ ملتزمٌ بأوامرِ قيادةٍ حكيمةٍ وعادلة تتجسدُ في ولايةِ الفقيه، وتتجسدُ في روحِ الله ((آيةِ الله الموسويِّ الخُميني)) –لا رَحِمَ اللهُ فيه مَغرزَ إبرة-  مُفجِّرِ ثورةِ المسلمين وباعثِ نهضتِهم المجيدة)).

يقول ((رفسنجاني)) الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس مَجمع تشخيص النظام والرجل القوي في إيران:

((تعتقد إيران أنَّ مساعدتها لحزبِ الله في لبنان واجبٌ مذهبيٌّ وثوري، وأنها سوف تستمر في دعمهِ طالما ظلَّت أراضيه محتلةً أو مُهددة، وأنها مع تقديرها للمواقفِ الشجاعةِ لشعبِ لبنانِ وحكومتهِ في دعمِ جبهةِ المقاومة أمام محاولاتِ التوسعِ للنظامِ الصهيوني؛ تؤكدُ استمرارُ دعمِ إيران للمقاومةِ الشعبيةِ في لبنان)).

الدعمُ الماديُّ والعسكريُّ والسياسيُّ والإعلاميُّ الإيرانيُّ ل((حزب الله)) واضحٌ لا لبْسَ فيه، وإنْ كان يَصعُب تحديدُ حجمهِ، وهناك جهاتٌ إيرانيةٌ عديدة تعمل في حزبِ الله منها: حُرَّاسُ الثورة، وزارةُ الخارجية، مؤسسةُ الشهيد، وزارةُ الإرشاد الإسلامي، وزارةُ الداخلية، الأجهزةُ الأمنيةُ الإستخباراتية.

وبشكلٍ عام تستطيع أنْ تُلخِّصَ الدلائل على الدور الإيراني في نشأة حزب الله فيما يلي:

*نشأ حزبُ اللات في إيران بتأثير ولايةِ الخُميني على الشيعةِ كافة:

يقولُ نائب الأمين العام لحزبِ الله ((نُعيم قاسم)):

((كان هناك مجموعة من المؤمنين؛ تفتحت أذهانُهم على قاعدةٍ عمليةٍ تُركزُ على مسألةِ الوليِّ الفقيهِ، والانقيادِ له كقائدٍ للأمةِ الإسلاميةِ جمعاء، لا يفصلُ بين مجموعاتِها وبلدانِها أي فاصل، وذهبت هذه المجموعة المُؤلفة من تسعة أشخاص إلى إيران للقاءِ ((الإمام الخميني)) وعرضت عليه وجهةَ نظرِها في تأسيس وتكوين الحزب اللبناني، فأيَّد هذا الأمر وباركَ هذه الخطوات)).

*وذكرت ((مجلة الشراع)) نقلًا عن ((حزب الله)): نقلت أنَّ هناك عضوين إيرانيين في قيادةِ حزبِ الله!

*و((حسن نصر)) يشغلُ منصبَ الوكيلِ الشرعي لمرشدِ إيران الأعلى، وقد نُشرت له عدة صور يُقبِّلُ فيها يدَ ((خامنئي))، وقد تساءل البعض: ماذا لو تنازعت لبنانُ مع إيران، فلمَنْ سيكون ولاء نصر الله ومن ورائهِ الحزب والطائفة؟

ألبنان أم لإيران؟

*لقد سبق في تاريخ ((أمل –منظمة أمل-)) و((حزبِ الله)) التحاكمُ إلى القيادةِ الإيرانية عند الاختلاف فيما بينهم.

*لقد أعلنت حركةُ أمل في مؤتمرهِا الرابع أنها جزءٌ لا يتجزأ من الثورةِ الإسلاميةِ في إيران.

*بسبب تبعية حزب الله لولايةِ الفقيه، يقرر الباحث الإيراني ((مسعود أسدُ الله)) في كتابه ((الإسلاميون في مجتمعٍ تعددي)):

((بما أنَّ حاكميةَ الخُميني كوليٍّ فقيه لا تنحصرُ بأرض أو حدودٍ معينة، فإنَّ أيَّ حدودٍ مُصطنعة وغير طبيعية تمنعُ عملُ هذه الولاية؛ تُعَدُّ غير شرعية؛ لذا فإنَّ حزبَ الله في لبنان يعملُ كفرعٍ من فروعِ حزب الله الواسعة الانتشار، الآراءُ المذكورة آنفًا تُوضِّح أنَّ ((حزب الله)) كان مستعدًا لإنجازِ أي مهمةٍ يأمر بها الولي الفقيه)).

*لقد كلف ((حزب الله)) إيران الكثير من الجهد والمال، غير أنَّ إيران استفادت منه الكثير:

فهي من جهة: تمكنت إيران عَبْر حزب الله من تحسين شعبيتها أمام المجتمع السني خاصة.

من جهة ثانية: يخدمُ الدعمُ الإيراني لحزب الله المشروع الشيعي في الأساس والذي يحلمُ باستعادةِ إمبراطورية فارس.

المشروعُ الإيراني يتمثلُ في فرض الدينِ الشيعي على أنحاءِ العالمِ العربيِّ واستعادةِ أمجادِ الإمبراطوريةِ الفارسيةِ المجوسية.

يقول ((أبو الحسن بني الصدر)) -أول رئيسٍ إيراني عقب ثورة الخميني-: ((كان الخمينيُ يريدُ إقامةَ حزامٍ شيعييٍّ للسيطرةِ على ضِفتي العالمِ الإسلامي، كان هذا الحزام يتألفُ من إيران والعراق وسوريا ولبنان، وعندما يصبحُ سيدًا لهذا الحِزام؛ يستخدمُ النِّفطَ وموقعَ الخليجِ الفارسي، وهذا يكونُ للسيطرةِ على بقيةِ العالمِ الإسلاميِّ، كان الخمينيُّ مقتنعًا بأنَّ الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذِ ذلك المشروع، وهذا المشروعُ يهدفُ إلى التمهيدِ لعودةِ المهديِّ المزعوم)).

يقول ((وضَّاح شرارة)): ((فلم تكن الحربُ بضواحي البصرة على ساحلِ شطِّ العرب إلا مقدمةِ حروبٍ كثيرة؛ أوكلت إليها القياداتُ الحمينيةُ الشابة التمهيد لفرجِ المهدي صاحب الزمان من غيبتهِ الكُبرى ولبسطهِ رايةِ العدلِ على الأرض كلها، ولتوريثهِ مُلكَ الأرضِ  للمستضعفين)).

يقول الخميني في خطبةٍ له في ((عيد المهدي عام أربعمئة وألف 1400)):

(( الأنبياءُ جميعًا جاءوا من أجلِ إرساءِ قواعدِ العدالةِ في العالم، لكنهم لم ينجحوا، وحتى النبي –عليه الصلاة والسلام- خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاحِ البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك في عهده، وإنَّ الشخصَ الذي سينجح في ذلك ويُرسي قواعدَ العدالةِ في أنحاءِ العالَم ويُقوِّمُ الانحرافات هو المهدي المنتظر)).

ما الذي يصنعه المهديُّ المنتظرُ إذا خرج من غَيبتهِ الطويلة؟

يهدمُ الحرمين الشريفين حيث تنصُّ أخبارُهم كما في ((الغَيبةِ)) للطوسي في ((بحارِ الأنوار))؛ يقول: ((إنَّ القائمَ يهدمُ المسجدَ الحرام حتى يردَّهُ إلى أساسهِ ومسجدَ الرسول –صلى الله عليه وسلم- إلى أساسهِ، إنه يَرُدَّ البيتَ إلى موضعهِ ويُقيمهُ على أساسهِ)).

ما الذي يفعله أيضًا؟

يُخرِجُ الصاحبين أبا بكرٍ وعمر –رضي اللهُ عنهما- من قبريهما ويقوم بإحراقِهما، تقول أخبارهم: ((أولُ ما يبدأ به القائم –يعني المهديَّ المنتظر عند الشيعة- يُخرِجُ هذين رَطْبين غَضين فيحرقهما ويُذَرِّيهما في الريح ويكسرُ المسجد)) كما في ((بحار الأنوار)).

يستأصلُ العرب، أخبارُهم تَعِدُ العرب بملحمةٍ على يد غائبهم إذا رجع، لا تُبقي ولا تَذَر على رجلٍ ولا امرأة ولا صغيرٍ ولا كبير؛ بل تأخذُهم جميعًا  فلا تغادرُ منهم أحدًا.

روى النعماني عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي؛ قالا: قال أبو عبد الله: ((ما بقيَ بيننا وبين العربِ إلا الذَّبح)).

((الغَيبةُ)) للنعماني وكذا في ((بحار الأنوار)).

فهذه دولةُ المهديِّ المنتظر التي يَعِدُ بها شيوخُ الشيعة أتباعَهم، وهذا هو الحقدُ الفارسيُّ الذي يحملهُ الشيعةُ تِجاه الإسلامَ والمسلمين؛ لذلك لم يكن مُستغربًا ما رُؤي في العراق من جرائمَ بشعة ضد أهل السُّنة، اقترفها الشيعة.

قال الدكتور مُحمد بسَّام في مقال له  بعنوان: ((قراءةٌ في الأهدافِ الحقيقية لقيام حزب الله بخطفِ الجنديين)):

((إنَّ هدفَ المشروع الصفويِّ الفارسيِّ الشعوبيِّ: هو السيطرةُ على العالَمَيْن العربيِّ والإسلاميِّ بَدْءًا من إخضاعِ منطقةِ الهلالِ الخصيب ((بلاد الشام والعراق))، وذلك باجتياحها ديموغرافيًا ومذهبيًا وتبشيريًا صفويًا وسياسيًا وأمنيًا وثقافيًا واستيطانيًا،ويقوم هذا المشروعُ المشبوه على أركانٍ خمسة، هي:

1- التواطؤ والتآمر مع القوى الغربية بزعامة أميركا إلى أبعدِ مدىً ممكن، لاجتياحِ بلادِنا واحتلالِها، وإفساحِ المجالِ لها ومساعدِتها في السيطرةِ على أوطانِ المسلمين، والقيام بدورٍ خبيثٍ لا يقلُّ خطورةً عن دورِ ((ابن العلقمي)) حين تواطأ مع ((هولاكو)) لاجتياحِ بلاد المسلمين، وكلُّ العالَم يعرف أنَّ إيرانَ كان لها الدورُ الأعظم في التواطؤ مع أميركا لاحتلالِ أفغانستان، ثم العراق، والمسئولون الإيرانيون صرَّحوا بذلك بوضوح، بل افتخروا به: ((تصريحٌ إيرانيٌّ رسمي –((محمد علي أبطحي)) وكان نائبًا للرئيسِ الإيراني في وقتٍ-؛ قال: لولا إيران لمََا احتلت أميركا العراق، ولولا إيران لَمَا احتلت أميركا أفغانستان))؛ وذلك لإضعاف أهل السنّة، ثم الانقضاض عليهم تحت مظلة المحتل الأميركي!

كما وقع في العراق، تأملوا عبادَ الله فيما يُراد لكم، وتأملوا في الانفراجةِ التي أُعلِنَ عنها فيما يتعلقُ بالمشروعِ الإيرانيِّ النوويِّ، وما خفيَ هو أعظم، قد سمحوا لهم بإنشاءِ مفاعلٍ نوويٍّ واحد في إيران -هذا هو المُعلن-؛ لأنهم رأَوا أهلَ السُّنة قد تجمعوا، وهُم يريدون الإبادةَ لهم، وأما هؤلاء فهُم حميرُ اليهود، الروافضُ حميرُ اليهود والإخوانُ المسلمين هُم حميرُ الروافض –فهُم حميرُ حميرِ اليهود-، هؤلاء الذين يُقاربون السُّنة مِن الشيعة، ما أعظمَ جُرْمَهُم وما أكبرَ خيانتَهم وما أشدَّ تواطئَهم.

الأمر الثاني: اللعبُ بالورقةِ المذهبيةِ الشيعية، وإشعالُ فتيلِ الحرب الطائفية، والقيامُ بعملياتِ التطهيرِ العرقيِّ والطائفي، مع العملِ على تجزئةِ البلادِ كالعراق، وتهجيرِ أهلِ السُّنَّة من المحافظاتِ التي يتداخلون فيها مع أبناءِ الشيعة، مع قيامِ المرجعياتِ الشيعية بدورٍ مُفسِد، بالتحريضِ على أهل السُّنَّة وعلى مؤسساتِهم التعليمية والدينية؛ ف ((الشيرازي)) دعا خلال خطبةٍ مفتوحةٍ إلى تدميرِ مساجدِ أهلِ السُّنة، وقد قاموا فعلًا بتدميرِ مئاتِ المساجدِ واحتلالِها وتحويلِها إلى حُسينياتٍ ومراكز شيعيةٍ صفوية)).

الأمر الثالث: اغتيال الكفاءات السنيَّةِ العلميةِ والعسكريةِ والدينية، مع ممارسةِ كلِّ الجرائمِ بحقِّهم، لترويعِهم وتهجيرِهم والتَّشَفِّي فيهم!

 

الأمر الرابع: الاجتياحُ الديموغرافيُّ الشيعيُّ الصفويُّ، كما وقعَ في سورية بشكلٍ خاص، تحت تغطيةٍ كاملةٍ من نظامِ الحُكم هناك، وكما يحصُلُ بشكلٍ أو بآخر في لبنان والأردن، فضلًا عن العراق، إضافةً إلى حملاتِ التبشيرِ الشيعيِّ في صفوفِ أهلِ السُّنة!

 

الأمر الخامس: افتعالِ الصِّدامات الكاذبة مع العدو الصهيوني واستفزازه؛ ليقوم بتدميرِ بلاد المسلمين، ثم لتخلو لهم الأجواءُ للَّعب بأوراقِهم الصفوية، وتسهيلِ تحقيق أهدافهم الشرِّيرة، تمامًا كما فعلوا ويفعلون في أفغانستان ويفعلونه الآن في العراق.

إنَّ المشروعَ الصفويَّ الشيعي يُشبه المشروعَ الصهيوني في معظمِ وجوهِه، لكنه أشدُّ خطرًا من المشروع الصهيوني، فهو مشروعٌ استيطانيٌّ قوميٌّ فارسيٌّ مذهبيٌّ مُتطرَّف، لا يقبلُ أصحابُهُ بأقلّ مِن إبادةِ المسلمين مِن أهلِ السُّنة إبادةً كاملة، وهو مشروعٌ يحملُ أحقادًا تاريخيةً ضخمة، ويقومُ على خزعبلاتٍ دينيةٍ مذهبية، رُكنها الأساس: تشويهُ الدينِ الحنيف، وإشاعةُ الأباطيلِ والخرافاتِ عن الإسلام، ونشرُ الفسادِ المذهبي القائمُ على نشرِ ما يُعرف لديهم بمُصحفِ فاطمة، وزواج المتعة، وتأليهِ الأئمة، وشتمِ صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتحريفِ القرآن الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، وتكفيرِ المسلمين من أهل السُّنَّة.

ليس بيننا وبين الرافضة اتفاقٌ في أصولٍ عظيمة تتعلقُ بالتوحيد، تتعلقُ بالرسول، وتتعلقُ بالقرآن، وتتعلقُ بالصحابة، وتتعلقُ بأمهات المؤمنين، وتتعلقُ بالآل، ليس بيننا وبينهم أرضيةٌ مُشتركة.

هم يريدون ذبْحَكم يا أهل السُّنة، إنَّ المجوسَ قد جاء دَوْرُهم، قد بُعِثوا من جديد، وقام ((الخمينيُّ)) الهالك –عليه من اللهِ ما يستحقه- بابتداعِ ولايةِ الفقيه لما طالت غَيبةُ المعصوم –كما يقولون!!-، الذي دخل السردابَ طفلًا من قرونٍ وقرونٍ متطاولات وأبوه ثبتَ أنه لم يُنجب أصلًا، لكنها أوهامُهم وخُرافاتُهم وخُزعبلاتُهم، وهم ينتظرونه، لما طالت غَيبتُه؛ أرادوا أنْ يخدعوا السُّذَّجَ لما حانت لهم فرصة فاقتنصوها، فقاموا بما سَمَّوه بالثورةِ الإسلامية في إيران وأرادوا تصديرها، فابتدع لهم ((الخمينيُّ)) –لا رَحِمَ الله فيه مغرز إبرة-، ابتدعَ لهم ولاية الفقيه؛ أنه قائمٌ مقامَ الإمامِ المعصوم، يقومُ عنه بكلِّ ما له، وتُؤدَّى له جميعُ الحقوق، ويسوسُ الناسَ بما يسوسُهم الإمامُ المعصوم، ابتدعَ لهم نظريةَ ((ولاية الفقيه))؛ فاعتنقوها، ثم هُم يُطبقونها، يريدون هدمَ الحرمين وإخراجَ جسدي الشيخين –رضي الله عنهما-، مع القيامِ بإحراقهِما وتذريةِ ترابهِما في الهواء، ونقلِ الحجرِ الأسودِ إلى مزاراتِهم المُبتدَعة إلى غير ذلك مما ينطوي عليه مشروعُهم المجوسيُّ الصفوي ومنه: ذبحُكم –ذبحُ العرب-.

نسأل اللهَ أنْ يجعلَ كيْدَهم في نحورِهم وأنْ يكفيَ أهلَ السُّنةِ شرَّهم، إنه على كل شيءٍ قدير.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو يتولى الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلاة وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

أما بعد:

فليس بيننا وبين الرافضة اتفاق في أصولٍ عظيمة:

*تتعلق بالنبي -صلى الله عليه وسلم-:

فنحنُ –أهل السُّنَّة- نعتقدُ أنه خاتَمُ الرسل، وخير الخلق، وأنه لا أحدَ من الخَلْقِ تجب طاعتُه بفِعلِ كل ما أمر به، وتركِ كل ما نهى عنه إلا هو -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنَّ ما قالهُ في بيانِ الدينِ فكلُّهُ حقٌّ لا باطلَ فيه.

قال –جل وعلا-: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].

وقال –جل وعلا-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].

وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ} [النجم: 3-4].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أنا سيدُ وَلَدِ آدم)). رواه مسلمٌ والترمذيُّ وغيرُهما.

وقال -صلى الله عليه وآله وسلم- لعبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: ((اكتب فو الذي نفسي بيدهِ ما خرجَ منه إلا حق))؛ وأشار إلى فيه –إلى فمه- صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد والحاكمُ والدارميُّ بإسنادٍ صحيح.

فهذا رسول الله عندنا، هذا بعض ما نعتقدهُ فيه –بأبي هو وأمي ونفسي –صلى الله عليه وآله وسلم-.

وأما عند الرافضة:

*فمقامُ الأئمةِ ومنازلُهم أفضلُ عندهم مما للنبي -صلى الله عليه وسلم-:

ففي ((بحار الأنوار)) عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أنه قال: ((كان أميرُ المؤمنين بابَ اللهِ الذي لا يُؤتى إلا منه وسبيلَهُ الذي من تمسكَ بغيرِهِ هَلَك، كذلك جَرَى حُكمَ الأئمة بعده واحدًا بعد واحد؛ جعلهم أركانَ الأرض، وهم الحجةُ البالغة على من فوق الأرض ومَن تحت الثرى)).

وفي ((أمالي الصدوق)) عن علي -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنت خيرُ البَشر، لا يشكُّ فيك إلا كافر))، -هكذا الكذب وإلا فلا-.

وروى أيضا في ((أماليه)) أنَّ جبريلَ هبط على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا محمد: ((اللهُ العليُّ الأعلى يقرأُ عليك السلام ويقول: مُحمد نبيي ونبي رحمتي، وعليٌّ مُقيم حجتي، لا أعذب من والاه وإنْ عصاني، ولا أرحمُ من عاداه و إنْ أطاعني)).

قال الخميني –عليه من الله ما يستحقه-: ((وإنَّ من ضرورياتِ مذهبِنا أنَّ لأئمتِنا مقامًا لا يبلغهُ مَلكٌ مُقَرَّب ولا نَبيٌّ مُرسل)).

فيدخل في ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

*ومن الخلافات الجوهرية بيننا –نحن أهل السُّنة- والرافضة فيما يتعلق برسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

أننا نعتقد أنَّ النبوة وخصائصَها قد انقطعت بموتِهِ –صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((وخُتم بي النبيون)). رواه مسلم.

وأما الرافضة: فإنَّ كلامَهم يقتضي أنَّ خصائصَ النبوة موجودةٌ في الأئمة، وما بقيَ إلا إطلاق الاسم عليهم، ومعلومٌ أنَّ العِبرةَ بالحقائقِ لا بالأسماء، إنهم أعطوا أئمتهم خصائص الربوبية وخصائص الألوهية، فلا عجبَ أنْ منحوهم كثيرًا من خصائصِ الأنبياء، بل فضَّلوهم على جميع النبيين والمرسلين، وبعض متورعيهم –لو كان فيهم مُتورع- يستثني أولي العزم من الرُّسُل!!

ومن تلك الخصائص التي أعطَوها لأئمتهم؛ زعمُهم أنَّ الوحي يتنزلُ عليهم.

*الرسولُ عند الشيعة كتمَ الدين ولم يُبلِّغُهُ كاملًا:

قال محمد آل كاشف الغطاء: ((إنَّ حكمةَ التشريع اقتضت بيانَ جملةٍ من الأحكام وكتمانَ جُملة، ولكنه -سلام الله عليه- أودعها عند أوصيائِه ، وكلُّ وصيٍّ يعهدُ به إلى الآخر لينشرهُ في الوقتِ المناسب)). ((أصل الشيعة وأصولها)).

قال الخمينيُّ في كتابه ((كشف الأسرار)) في الصفحةِ الخامسةِ والخمسين: ((وواضحٌ أنَّ النبيَّ لو كان قد بلَّغَ بأمرِ الإمامة طبقًا لما أمرَ اللهُ به وبذلَ المساعيَ في هذا المجال لَمَا نشبت في البلدانِ الإسلامية كلُّ هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك ولَمَا ظهرت خلافاتٌ في أصولِ الدينِ وفروعهِ)).

يتهم النبيَّ بكتمانِ الوحي، بالتقصير في البلاغ.

والنبيُّ عنده وعند الشيعة لم ينجح في إقامةِ العدل.

قال الخمينيُّ -عليه من الله ما يستحقه-: ((فكلُّ نبيٍّ من الأنبياءِ إنما جاء لإقامةِ العدل، وكان هدفهُ تطبيقَهُ في العالم لكنه لم ينجح حتى خاتم الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- الذي قد جاءَ لإصلاح البشر وتهذيبِهم وتطبيق العدالة، فإنه هو أيضًا لم يُوَفّق، وإنَّ مَن سينجح بمعنى الكلمة ويُطَبِّقُ العدالةَ في جميعِ أرجاءِ العالم هو المهديُّ المُنتظر)).

الخميني يطعنُ في النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:

قال في كتابهِ ((زلازل قبل الظهور)) في الصفحة الخامسة والأربعين بعد الأربعمائة:

((إنني أَدَّعي بجُرأة -هو الذي يَدَّعي؛ لا رَحِم اللهُ فيه مغرز إبرة- أنَّ الشعب الإيراني بجماهيره المليونية في العصرِ الحاضر هو أفضلُ من شعبِ الحجازِ في عصرِ الرسول -صلى الله عليه وآله- وشعبِ الكوفة على عهدِ أميرِ المؤمنين والحُسين بن عليِّ؛ يقول: -صلوات الله وسلامه عليهما- فالحجازُ الذي كان على عهدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وآله- حتى المسلمون لم يكونوا يُطيعونه، وكانوا يتخلفونَ عن الحربِ بِشَتَّى الذرائع، حتى إنَّ الله تعالى وبَّخهم في آيات سورة التوبة، ولقد كذَّبوا وكَذَبوا عليه حتى دعا عليهم على المنبر حَسْبُما رُوي.

وأهلُ العراقِ والكوفة في ذلك الوقت آذَوا أمير المؤمنين وتمردوا على طاعتهِ، حتى اشتهرت شكاواه منهم في كتبِ الحديثِ والتاريخ، ومُسلموا العراق والكوفة؛ أولئك الذين فعلوا بسيدِ الشهداءِ ما فعلوا، ومَنْ لم يُلطِّخ يديه في قتله إما فرَّ من المعركة أو قعدَ حتى وقعت جريمةَ التاريخ تلك)).

يريد تفضيلَ الشعبِ الفارسيِّ المجوسيِّ -يريد تفضيلَ أجدادِهِ الذين عبدوا النار- على مَنْ كان على عهدِ النبيِّ المُختار -صلى الله عليه وسلم-.

روى الشيعةُ كذبًا عن جعفر الصادق أنه قال: ((لما وُلِد النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مكث أيامًا ليس له لبن، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسهِ؛ فأنزل اللهُ فيه لبنًا، فرضع منه أيامًا حتى وقعَ أبو طالب على حليمة السعدية؛ فدفعهُ إليها)).

((الأصول من الكافي)) في كتابِ الحُجة منه، في المجلد الأول الصفحة الثامنة والخمسين بعد الأربعمائة.

هكذا الكذب وإلا فلا...كَذَبَة.

يُنكرون نَسَبَ بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه:

قال ((حسن الأمين الشيعي)): ((ذكر المؤرخون أنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم أربع بنات، ولدَى التحقيق في النصوصِ التاريخية لم نجد دليلًا على ثبوتِ بُنوةِ غير الزهراء -رضي الله عنها- منهن، بل الظاهر أنَّ البنات الأخريات كن بنات خديجة من زوجِها الأوَّل قبل مُحمد -صلى الله عليه وسلم-)).

روى الشيعة عن أبي عبد الله، قال: ((كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينام حتى يُقبِّلَ عرضَ وجهِ فاطمة)).

((بحار الأنوار)) لمحمد باقر المجلسي.

((وكان يضع وجهه بين ثدييها)).

في ((بحار الأنوار)) نسبوا إليها؛ أنها -سلام الله عليها- تقدمت إلى أبي بكر وعمر في ((قضية فَدَك)) وتشاجرت معهما وتكلمت وسطَ الناس وصاحت، وجُمِع الناس إليها، وقالت لأبي بكر: ((لئن لم تَكُفَّ عن علي لأنشرنَّ شعري ولأشقنَّ جَيبي)).

فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تشقُّ جَيْبَها وتنشرُ شَعْرَها !!!

الجيب: فتحة الثوب التي يُخرج منها اللابسُ رأسَه.

إذا شقت المرأة جيبها ماذا يبدو منها؟!

فاطمة!! -رضي الله تعالى عنها-.

*الرسولُ عند الشيعة أرضع الحسين:

زعم ((الكُليني)) -زورًا وكذبًا وبهتانًا-: ((أنَّ الحسين بن علي لم يرضع من فاطمة ولا من أنثى، كان يُؤتي بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فيضعُ إبهامه في فيه، فيمصَّ منها ما يكفيه ليومين والثلاثة)).

قاله في ((أصول الكافي)).

وأما القرآن: فهم يقولون إنه حُرِّف، وإنه قد نُقِصَ منه ما يزيدُ على عشرةِ آلافِ آية، وأنَّ الذي بين أيدي السُّنَّة وهو لا يزيدُ كثيرًا على ستةِ آلاف آية؛ قد حُذف منه ذلك القَدْر مما هو عندهم من مصحف فاطمة والجفر وما أشبهَ من تخاريفِهم -عليهم من الله ما يستحقون-.

أيها المسلمون؛ لقد تكالبت عليكم الأمم.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يوشكُ أنْ تَدَاعَى عليكم الأمم كما تَدَاعى الأكلةُ على قصعتها -يدعو بعضهم بعضا-)).

الأكلة يجلسون إلى قصعتِهم؛ فيها طعامُهم، يدعو بعضُهم بعضًا، الأممُ يدعو بعضها بعضًا؛ ليتكالبوا عليكم.

اتقوا الله في أنفسِكم، لا تكونوا غُثاءً كغثاءِ السيل، تحققوا بعقيدتِكم،

عقيدةِ أهلِ السُّنَّة، خذوا على أيدي سفهائِكم، فوَيْلٌ لمن أراد أنْ يخرقَ السفينة –بما يجعل فيها من خرقٍ فيها يؤدي إلى إغراقِها-، ويلٌ لمن أراد أن يخرقَ السفينة ليُغرقها؛ وَيْلٌ له ثم وَيْلٌ له ثم وَيْلٌ له.

اتقوا الله يا أهل السُّنة، تمسكوا بكتابِ ربِّكم وسُنةِ نَبيِّكم بفهمِ الصحابةِ ومَن تَبِعَهم بإحسان، تُرفع النزاعاتُ من بينكم وتزولُ خلافاتُكم، وأما إذا ما سار كلٌّ في سبيل، فإنما يأكلُ الذئبُ من الغنمِ القاصية، وإنما أُكلتم يوم أُكل الثورُ الأحمر.

اتقوا الله، وعودوا إلى الله وتمسكوا بسُنة رسول الله وبكتابِ ربِّكم بفهمِ صحابة نبيكم، والله يرعاكم ويتولاكم ويُسدِّدُ على طريقِ الحقِّ خُطاكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.